للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ نِسَائِهِ وَإِنَّهَا حَائِضٌ، وَمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إلَّا ثَوْبٌ مَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ».

وَهَذَا إنْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الرَّاحَةِ مِنْ مُضَاجَعَةِ الْمَرْأَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ فَهُوَ الصَّحِيحُ، وَدَلِيلُهُ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَوَابِ السَّائِلِ عَمَّا يَحِلُّ مِنْ الْحَائِضِ. فَقَالَ: لِتَشُدَّ عَلَيْهَا إزَارَهَا ثُمَّ شَأْنُهُ بِأَعْلَاهَا».

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهُ الْفَرْجُ خَاصَّةً فَقَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ: «افْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ». وَأَيْضًا فَإِنَّهُ حَمَلَ الْآيَةَ عَلَى حِمَايَةِ الذَّرَائِعِ، وَخَصَّ الْحُكْمَ وَهُوَ التَّحْرِيمُ بِمَوْضِعِ الْعِلَّةِ وَهُوَ الْفَرْجُ؛ لِيَكُونَ الْحُكْمُ طِبْقًا لِلْعِلَّةِ يَتَقَرَّرُ بِتَقَرُّرِ الْعِلَّةِ إذَا أَوْجَبَتْهُ خَاصَّةً، فَإِذَا أَثَارَتْ الْعِلَّةُ نُطْقًا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالنُّطْقِ وَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْعِلَّةِ، كَمَا بَيَّنَّا فِي السَّعْيِ مِنْ قَبْلُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ الرَّمَلُ فِيهِ لِعِلَّةِ إظْهَارِ الْجَلَدِ لِلْمُشْرِكَيْنِ؛ ثُمَّ زَالَتْ، وَلَكِنْ شَرَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَائِبًا يَثْبُتُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ مُسْتَمِرًّا، وَلِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ فِي الْفُرُوعِ وَأَدِلَّةٌ فِي الْأُصُولِ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: الدُّبُرُ، فَرَوَى الْمُقَصِّرُونَ الْغَافِلُونَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: " إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ حَرُمَ حِجْرُهَا "، وَهَذَا بَاطِلٌ ذَكَرْنَاهُ لِنُبَيِّن حَاله.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: «افْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ»، فَمَعْنَاهُ الْإِذْنُ فِي الْجِمَاعِ؛ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَحِلَّهُ، وَقَوْلُهُ: «شَأْنُك بِأَعْلَاهَا»، بَيَانٌ لِمَحِلِّهِ.

[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى النِّسَاءَ]

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {النِّسَاءَ} [البقرة: ٢٢٢]: فَذَكَرَهُنَّ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْمُحْتَمِلَةِ لِلْجِنْسِ وَالْعَهْدِ، وَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَهَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، فَإِنَّ حَمَلْتهَا عَلَى الْعَهْدِ صَحَّ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَنْ مَعْهُودٍ مِنْ الْأَزْوَاجِ، فَعَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>