للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى إنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى]

} [الأعلى: ١٨] {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: ١٩].

فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي مَعْنَاهُ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ الْقُرْآنُ.

الثَّانِي أَنَّهُ مَا قَصَّهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا يَعْنِي أَحْكَامَ الْقُرْآنِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ تَحْقِيقُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى} [الأعلى: ١٨] يَعْنِي الْقُرْآنَ مُطْلَقًا قَوْلٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ قَطْعًا.

وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ فِيهِ أَحْكَامُهُ فَإِنْ أَرَادَ مُعْظَمَ الْأَحْكَامِ فَقَدْ بَيَّنَّا تَحْقِيقَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الشورى: ١٣]. وَأَمَّا إنْ أَرَادَ بِهِ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ فَهُوَ الْأَوْلَى مِنْ الْأَقْوَالِ؛ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ بِالْعَجَمِيَّةِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ تَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي جَوَازِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ بِالْعَجَمِيَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى} [الأعلى: ١٨] {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: ١٩]. قَالُوا: فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ كِتَابَهُ وَقُرْآنَهُ فِي صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى بِالْعِبْرَانِيَّةِ؛ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْإِخْبَارِ بِهَا عَنْهُ وَبِأَمْثَالِهَا مِنْ سَائِرِ الْأَلْسُنِ الَّتِي تُخَالِفُهُ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّا نَقُولُ: إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ الْكُتُبَ، وَمَا بَعَثَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>