للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: ٢]؛ قَالَ: الْأَيَّامُ مَعَ اللَّيَالِي، وَاللَّيْلُ قَبْلَ النَّهَارِ، وَهُوَ حِسَابُ الْقَمَرِ الَّذِي وَقَّتَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْعِبَادَاتِ كَمَا رَتَّبَ عَلَى حِسَابِ الشَّمْسِ الَّذِي يَتَقَدَّمُ فِيهِ النَّهَارُ عَلَى اللَّيْلِ بِالْعَادَاتِ فِي الْمَعَاشِ وَالْأَوْقَاتِ.

وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ اللُّغَةِ وَحَبْرُهَا أَبُو عَمْرٍو الزَّاهِدُ أَنَّ مِنْ الْعَرَبِ مَنْ يَحْسِبُ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّيْلِ، وَيَجْعَلُ اللَّيْلَةَ لِلْيَوْمِ الْمَاضِي، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ «قَوْلُ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ إيلَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نِسَائِهِ، فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهُنَّ عَدًّا دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَكُنْ آلَيْت شَهْرًا فَقَالَ: إنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ»، وَلَوْ كَانَتْ اللَّيْلَةُ لِلْيَوْمِ الْآتِي لَكَانَ قَدْ غَابَ عَنْهُنَّ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَهَذَا التَّفْسِيرُ بَالِغٌ طَالَمَا سُقْتُهُ سُؤَالًا لِلْعُلَمَاءِ بِاللِّسَانِ

وَتَقْلِيبًا لِلدَّفَاتِرِ بِالْبَيَانِ حَتَّى وَجَدْت أَبَا عَمْرٍو وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا؛ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ لُغَةً نَقَلَهَا، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ نُكْتَةً أَخَذَهَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَاسْتَنْبَطَهَا.

وَالْغَالِبُ فِي أَلْسِنَةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ غَلَبَةُ اللَّيَالِي لِلْأَيَّامِ، حَتَّى إنَّ مِنْ كَلَامِهِمْ: " صُمْنَا خَمْسًا " يُعَبِّرُونَ بِهِ عَنْ اللَّيَالِي، وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ فِي النَّهَارِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْآيَةُ الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ]

ِ} [الفجر: ٣]: فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى لِلْعُلَمَاءِ فِي تَعْيِينِهَا ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الصَّلَاةَ شَفْعٌ كُلُّهَا، وَالْمَغْرِبَ وَتْرٌ؛ قَالَهُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ].

الثَّانِي: أَنَّ الشَّفْعَ أَيَّامُ النَّحْرِ، وَالْوَتْرَ يَوْمُ عَرَفَةَ، رَوَاهُ جَابِرٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

الثَّالِثُ: أَنَّ الشَّفْعَ يَوْمُ مِنًى، وَالْوَتْرَ: الثَّالِثُ مِنْ أَيَّامِ مِنًى، وَهُوَ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>