للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ بَيَّنَ لَهُمْ طَرِيقَ الْمِلْكِ، وَشَرَحَ لَهُمْ مَوْرِدَ الِاخْتِصَاصِ، وَقَدْ اقْتَتَلُوا وَتَهَارَشُوا وَتَقَاطَعُوا؛ فَكَيْفَ لَوْ شَمَلَهُمْ التَّسَلُّطُ وَعَمَّهُمْ الِاسْتِرْسَالُ؛ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ إذَا سَمِعُوا هَذَا النِّدَاءَ أَنْ يَخِرُّوا سُجَّدًا؛ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى لِهَذِهِ الْحُرْمَةِ لِحَقِّ مَا ذَلِكَ مِنْ نِعَمِهِ، ثُمَّ يَتَوَكَّفُوا بَعْدَ ذَلِكَ سُؤَالَ وَجْهِ الِاخْتِصَاصِ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ.

وَنَظِيرُ هَذَا مِنْ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ الْخَلْقِ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ لِتَفْهِيمِ الْحَقِّ مَا قَالَ حَكِيمٌ لِبَنِيهِ: قَدْ أَعْدَدْت لَكُمْ مَا عِنْدِي مِنْ كُرَاعٍ وَسِلَاحٍ وَمَتَاعٍ وَعَرَضٍ وَقَرْضٍ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِتَسْلِيطِهِمْ عَلَيْهِ كَيْفَ شَاءُوا حَتَّى يَكُونَ مِنْهُ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ اخْتِصَاصِهِمْ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»

يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ، فَلَا يَصِلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَيْهِ إلَّا بِتِبْيَانِ حَظِّهِ مِنْهُ وَتَعْيِينِ اخْتِصَاصِهِ بِهِ.

[الْآيَةُ السَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ]

ِ} [البقرة: ٢٥].

قَالَ عُلَمَاؤُنَا: الْبِشَارَةُ هِيَ: الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَحْبُوبِ، وَالنِّذَارَةُ هِيَ: الْإِخْبَارُ بِالْمَكْرُوهِ، وَذَلِكَ فِي الْبِشَارَةِ يَقْتَضِي أَوَّلَ مُخْبِرٍ بِالْمَحْبُوبِ، وَيَقْتَضِي فِي النِّذَارَةِ كُلَّ مُخْبِرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>