للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا تَقْرَبَنَّ جَارَةً إنَّ سِرَّهَا ... عَلَيْك حَرَامٌ فَانْكِحْنَ أَوْ تَأَبَّدَا

وَالسِّرُّ فِي اللُّغَةِ يَتَصَرَّفُ عَلَى مَعَانٍ:

أَحَدُهَا: مَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي سِرِّهِ وَأَخْفَى مِنْهُ مَا أَضْمَرَ.

الثَّانِي: سِرُّ الْوَادِي أَيْ شَطُّهُ.

الثَّالِثُ: سِرُّ الشَّيْءِ: خِيَارُهُ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ الزِّنَا.

الْخَامِسُ: أَنَّهُ الْجِمَاعُ.

السَّادِسُ: أَنَّهُ فَرْجُ الْمَرْأَةِ.

السَّابِعُ: سَرَرَ الشَّهْرُ: مَا اُسْتُسِرَّ الْهِلَالُ فِيهِ مِنْ لَيَالِيِهِ.

وَهَذِهِ الْإِطْلَاقَاتُ يَدْخُلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَيَرْجِعُ الْمَعْنَى إلَى الْخَفَاءِ، فَيَعُمُّ بِهِ تَارَةً وَيَخُصُّ أُخْرَى، وَتَرَى سِرَّ الشَّيْءِ خِيَارَهُ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُ يُخْفَى وَيُضَنُّ بِهِ، وَتَرَى أَنَّ سِرَّ الْوَادِيَ شَطَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُهُ؛ لِأَنَّ حُسْنَ الْوَادِي إنَّمَا يَكُونُ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ لَا فِيهِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ السُّرِّيَّةُ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ لِلْوَطْءِ، إذْ الْخَدَمُ يُتَّخَذُونَ لِلتَّصَرُّفِ وَالْوَطْءِ، فَسُمِّيَتْ الْمُتَّخَذَةُ لِلْوَطْءِ سَرِيَّةً مِنْ السُّرُورِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ فَرْجُ الْمَرْأَةِ سِرًّا لِأَنَّهُ مَوْضِعُهُ.

فَالْمَعْنَى هَاهُنَا: لَا تُوَاعِدُوهُنَّ نِكَاحًا وَلَا وَطْئًا، فَهُوَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ فِي الْعِدَّةِ، لِأَنَّهُ حُرِّمَ عَلَيْهِنَّ النِّكَاحُ فِي الْعِدَّةِ إلَى وَقْتٍ مُحَرَّمٍ عَلَيْهِنَّ ضَرْبُ الْوَعْدِ فِيهِ؛ وَهَذَا بَيِّنٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ.

[مَسْأَلَةٌ الْوَعْدُ فِي الْعِدَّةِ بِالنِّكَاحِ]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إذَا حُرِّمَ الْوَعْدُ فِي الْعِدَّةِ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى تَحْرِيمِ الْوَعْدِ فِي التَّقَابُضِ فِي الصَّرْفِ فِي وَقْتٍ لَا يَجُوزُ إلَى وَقْتٍ يَجُوزُ فِيهِ التَّقَابُضُ.

وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَإِنْ اسْتَنْظَرَك إلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ؛ وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>