للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»، «وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الْجَنَّةُ». قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَيَكُونُ تَفْسِيرًا لِلْمَقْصُودِ، وَبَيَانًا لِخُصُوصِ الْعُمُومِ، إنْ كَانَ هَذَا الْقَصْدُ صَحِيحًا. هَذَا، وَالصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَعْدِيدَ النِّعَم عَلَى مَنْ كَانَ بِهَا جَاهِلًا وَلَهَا مُنْكِرًا مِنْ الْعَرَبِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت: ٦٧].

[الْآيَة الْخَامِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ]

ِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧] فِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: هَذَا مِنْ أَوْكَدِ أَلْفَاظِ الْوُجُوبِ عِنْدَ الْعَرَبِ، إذَا قَالَ الْعَرَبِيُّ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا فَقَدْ وَكَّدَهُ وَأَوْجَبَهُ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فَذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْحَجَّ بِأَبْلَغَ أَلْفَاظِ الْوُجُوبِ؛ تَأْكِيدًا لِحَقِّهِ، وَتَعْظِيمًا لِحُرْمَتِهِ، وَتَقْوِيَةً لِفَرْضِهِ.

[مَسْأَلَةٌ الْحَجُّ عِنْدَ الْعَرَبِ قَبْل الْإِسْلَام]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: كَانَ الْحَجُّ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَرَبِ مَشْرُوعًا لَدَيْهِمْ، فَخُوطِبُوا بِمَا عَلِمُوا وَأُلْزِمُوا مَا عَرَفُوا، وَقَدْ حَجَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمْ قَبْلَ فَرْضِ الْحَجِّ؛ فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ وَلَمْ يُغَيِّرْ مِنْ شَرْعِ إبْرَاهِيمَ مَا غَيَّرُوا حَيْثُ كَانَتْ قُرَيْشٌ تَقِفُ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ أَهْلُ الْحَرَمِ فَلَا نَخْرُجُ مِنْهُ وَنَحْنُ الْحُمْسُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>