للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ ذِكْرٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: مَنْ قَدَرَ صَلَّى قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ صَلَّى مُعْتَمِدًا عَلَى عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ صَلَّى جَالِسًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ صَلَّى نَائِمًا عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ وَرُوِيَ عَلَى ظَهْرِهِ. وَالصَّحِيحُ الْجَنْبُ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ، وَمَا وَافَقَ الْحَدِيثَ فِيهِ أَوْلَى، وَهُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَسَائِلِ.

[الْآيَة السَّادِسَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابَطُوا]

الْآيَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: ٢٠٠] فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي شَرْحِ أَلْفَاظِهَا: الصَّبْرُ: عِبَارَةٌ عَنْ حَبْسِ النَّفْسِ عَنْ شَهَوَاتِهَا، وَالْمُصَابَرَةُ: إدَامَةُ مُخَالَفَتِهَا فِي ذَلِكَ؛ فَهِيَ تَدْعُو وَهُوَ يَنْزِعُ. وَالْمُرَابَطَةُ: الْعَقْدُ عَلَى الشَّيْءِ حَتَّى لَا يَبْخَلَ فَيَعُودَ إلَى مَا كَانَ صَبَرَ عَنْهُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي الْأَقْوَالِ: فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: اصْبِرُوا عَلَى دِينِكُمْ، وَصَابِرُوا وَعْدِي لَكُمْ، وَرَابِطُوا أَعْدَاءَكُمْ.

الثَّانِي: اصْبِرُوا عَلَى الْجِهَادِ، وَصَابِرُوا الْعَدُوَّ، وَرَابِطُوا الْخَيْلَ.

الثَّالِثُ: مِثْلُهُ إلَّا قَوْلَهُ: رَابِطُوا فَإِنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ رَابِطُوا الصَّلَوَاتِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي حَقِيقَةِ ذَلِكَ: وَهُوَ أَنَّ الصَّبْرَ: حَبْسُ النَّفْسِ عَنْ مَكْرُوهِهَا الْمُخْتَصِّ بِهَا وَالْمُصَابَرَةُ: حَمْلُ مَكْرُوهٍ يَكُونُ بِهَا وَبِغَيْرِهَا؛ الْأَوَّلُ كَالْمَرَضِ، وَالثَّانِي كَالْجِهَادِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>