للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: حُكْمُهُ مَنْقُوضٌ؛ لِأَنَّهُمَا تَخَاطَرَا بِمَا لَا يَنْبَغِي مِنْ الْغَرَرِ. وَالصَّحِيحُ نُفُوذُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَوْكِيلًا فَفِعْلُ الْوَكِيلِ نَافِذٌ، وَإِنْ كَانَ تَحْكِيمًا فَقَدْ قَدَّمَاهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَلَيْسَ الْغَرَرُ بِمُؤَثِّرٍ فِيهِ، كَمَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّوْكِيلِ، وَبَابُ الْقَضَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَرَرِ كُلِّهِ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ الْحُكْمُ.

[الْآيَة الثَّامِنَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا]

وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا} [النساء: ٣٦] فِيهَا عَشْرُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: ٣٦] قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: لَوْ نَوَى تَبَرُّدًا أَوْ تَنَظُّفًا مَعَ نِيَّةِ الْحَدَثِ أَوْ مَجَمًّا لِمَعِدَتِهِ مَعَ التَّقَرُّبِ لِلَّهِ أَوْ قَضَاءِ الصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِيهِ، لِأَنَّهُ مَزَجَ فِي نِيَّتِهِ التَّقَرُّبِ بِنِيَّةٍ دُنْيَاوِيَّةٍ وَلَيْسَ لِلَّهِ إلَّا الدِّينُ الْخَالِصُ. وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ التَّبَرُّدَ لِلَّهِ، وَالتَّنْظِيفَ وَإِجْمَامَ الْمَعِدَةِ لِلَّهِ؛ فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ أَوْ مُبَاحٌ فِي مَوْضِعٍ، وَلَا تُنَاقِضُ الْإِبَاحَةُ الشَّرِيعَةَ.

[مَسْأَلَة أَحَسَّ الْإِمَامُ وَهُوَ رَاكِعٌ بِدَاخِلٍ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا لَوْ أَحَسَّ الْإِمَامُ وَهُوَ رَاكِعٌ بِدَاخِلٍ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَظِرُهُ، وَلَيْسَ لِأَمْرٍ يَعُودُ إلَى نِيَّةِ الصَّلَاةِ؛ وَلَكِنْ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِمَنْ عَقَدَ الصَّلَاةَ مَعَهُ؛ وَمُرَاعَاتُهُ أَوْلَى.

[مَسْأَلَة بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: ٣٦]: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ فِي الْمَفْرُوضَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَبِرُّهُمَا يَكُونُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>