للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّكْرَانِ وَالنَّائِمِ وَالْغَاضِبِ وَمَدَافِعِ الْأَخْبَثَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إحْضَارُ ذِهْنِهِ لِغَلَبَةِ الْحَالِ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ]

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣]: الْجُنُبُ فِي اللُّغَةِ: الْبَعِيدُ، بَعُدَ بِخُرُوجِ الْمَاءِ الدَّافِقِ عَنْ حَالِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ كَانَ عِنْدَهُمْ الْجُنُبُ مَعْرُوفًا، وَهُوَ الَّذِي غَشِيَ النِّسَاءَ، وَالْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ مَعْرُوفًا. وَهُوَ مَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ، ثُمَّ أَثْبَتَتْ الشَّرِيعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ زِيَادَاتِهِ وَتَفْضِيلَهُ، وَهُوَ إيلَاجٌ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ بِشَرْطِ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ دُونَ إنْزَالٍ، أَوْ إنْزَالُ الْمَاءِ دُونَ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ، أَوْ مَجْمُوعُهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا بَيَّنَّا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْمَسَائِلِ، فَلْيُنْظَرْ هُنَاكَ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ]

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَوْله تَعَالَى: {إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣]: أَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} [النساء: ٤٣] لَا تَقْرَبُوا مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ، فَتَقْدِيرُ الْآيَةِ عِنْدَهُمْ: لَا تَقْرَبُوا الْمَسَاجِدَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ، وَلَا تَقْرَبُوهَا جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا، إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ أَيْ مُجْتَازِينَ غَيْرَ لَابِثِينَ؛ فَجَوَّزُوا الْعُبُورَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ لُبْثٍ فِيهِ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ نَفْسُ الصَّلَاةِ فَإِنَّ تَقْدِيرَ الْآيَةِ: لَا تُصَلُّوا وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ، وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا لَهَا، أَوْ تَكُونُوا مُسَافِرِينَ، فَتَيَمَّمُوا وَتُصَلُّوا وَأَنْتُمْ جُنُبٌ حَتَّى تَغْتَسِلُوا إذَا وَجَدْتُمْ الْمَاءَ.

وَرَجَّحَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَذْهَبَهُمْ بِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ بِالْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ مُجْتَازًا.

وَرَجَّحَ الْآخَرُونَ بِمَا رَوَى أَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِرَدِّ الْأَبْوَابِ الشَّارِعَةِ إلَى الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ». خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>