للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: رَاعَى مَالِكٌ فِي اللَّمْسِ الْقَصْدَ، وَجَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ نَاقِضًا لِلطَّهَارَةِ بِصُورَتِهِ كَسَائِرِ النَّوَاقِضِ، وَهُوَ الْأَصْلُ؛ وَاَلَّذِي يَدَّعِي انْضِمَامَ الْقَصْدِ إلَى اللَّمْسِ فِي اعْتِبَارِ الْحُكْمِ هُوَ الَّذِي يَلْزَمُهُ الدَّلِيلُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ اللَّمْسَ الْمُفْضِي إلَى خُرُوجِ الْمَذْي مَنْزِلَةَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ الْمُفْضِي إلَى خُرُوجِ الْمَنِيِّ. فَأَمَّا اللَّمْسُ الْمُطْلَقُ فَلَا مَعْنَى لَهُ، وَذَلِكَ مُقَرَّرٌ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

[مَسْأَلَة لَمَسَ صَغِيرَةً]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣]: وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ بِحَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ كَالْجَنَابَةِ، حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ لَوْ لَمَسَ صَغِيرَةً يُنْتَقَضُ طُهْرُهُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ لَمْسَ الصَّغِيرَةِ كَلَمْسِ الْحَائِضِ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ لِأَجْلِ أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ اللَّذَّةَ، وَإِنْ أَخْرَجَ ذَوَاتَ الْمَحَارِمِ عَنْهَا فَقَدْ اُنْتُقِضَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ. وَنَحْنُ اعْتَبَرْنَا اللَّذَّةَ، فَحَيْثُ وُجِدَتْ وُجِدَ حُكْمُهَا، وَهُوَ وُجُوبُ الْوُضُوءِ.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: يَدْخُلُ فِي حُكْمِ اللَّمْسِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءِ كَمَا دَخَلُوا فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا} [المائدة: ٦] سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ عِنْدَنَا بِالِاسْمِ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِالْمَعْنَى؛ وَذَلِكَ بَيِّنٌ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: ٤٣]: لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ اغْتَسِلُوا وَاطَّهَّرُوا اقْتَضَى ذَلِكَ الْمَاءَ اقْتِضَاءً قَطْعِيًّا، إذْ هُوَ الْغَاسُولُ وَالطَّهُورُ؛ فَلِذَلِكَ قَالَ: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً، فَصَرَّحَ بِالْمُقْتَضِي، وَكَانَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ التَّصْرِيحُ وَالِاقْتِضَاءُ؛ وَهَذَا فِي اللُّغَةِ كَثِيرٌ.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: ٤٣]: قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: فَائِدَةُ الْوُجُودِ الِاسْتِعْمَالُ وَالِانْتِقَاعُ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِمَا، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: ٤٣]، فَلَمْ تَقْدِرُوا؛ لِيَتَضَمَّنَ ذَلِكَ الْوُجُوهَ الْمُتَقَدِّمَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهَا، وَهِيَ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ؛ فَإِنَّ الْمَرِيضَ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ صُورَةً، وَلَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>