للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: الْآيَةُ تَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا؛ فَأَمَّا الْقَصْرُ مِنْ هَيْئَتِهَا فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِعْلًا حَالَةَ الْخَوْفِ، وَأَمَّا الْقَصْرُ مِنْ عَدَدِهَا إلَى ثِنْتَيْنِ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِعْلًا فِي حَالَةِ الْأَمْنِ. وَأَمَّا الْقَصْرُ فِي حَالَةِ الْخَوْفِ إلَى وَاحِدَةٍ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحِ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً. وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ بَيَانُهُ.

[مَسْأَلَة الْخَوْفَ مِنْ الْقَصْرِ]

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ١٠١]: فَشَرَطَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَوْفَ فِي الْقَصْرِ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الشَّرْطِ الْمُتَّصِلِ بِالْفِعْلِ؛ هَلْ يَقْتَضِي ارْتِبَاطُ الْفِعْلِ بِهِ حَتَّى يَثْبُتَ بِثُبُوتِهِ وَيَسْقُطَ بِسُقُوطِهِ؟ فَذَهَبَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ إلَى أَنَّهُ لَا يَرْتَبِطُ بِهِ، وَهُمْ نُفَاةُ دَلِيلِ الْخِطَابِ، وَلَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ بِاللُّغَةِ وَلَا بِالْكِتَابِ. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْمَحْصُولِ بَيَانًا شَافِيًا. وَعَجَبًا لَهُمْ. «قَالَ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ} [النساء: ١٠١] فَهَا نَحْنُ قَدْ أَمِنَّا. قَالَ: عَجِبْت مِمَّا عَجِبْت مِنْهُ. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ.»

<<  <  ج: ص:  >  >>