للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: يُصَلِّي بِالْأُولَى رَكْعَةً لِأَنَّ عَلِيًّا فَعَلَهَا لَيْلَةَ الْهَرِيرِ. وَمِنْهَا التَّرْجِيحُ بِالسَّلَامِ بَعْدَ الْإِمَامِ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَذَلِكَ طُولٌ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَوْضِعِهِ، وَهَذِهِ نُبْذَةٌ كَافِيَةٌ لِلْبَابِ الَّذِي تَصَدَّيْنَا إلَيْهِ.

[مَسْأَلَةُ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْخَوْفِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا صَلَّوْا أَخَذُوا سِلَاحَهُمْ عِنْدَ الْخَوْفِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحْمِلُهَا. قَالُوا: لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ حَمْلُهَا لَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا. قُلْنَا: لَمْ يَجِب عَلَيْهِمْ حَمْلُهَا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ قُوَّةً لَهُمْ وَنَظَرًا، أَوْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ الصَّلَاةِ، فَلَا تَعَلُّقَ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بِهِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا فَاعْلَمْهُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ} [النساء: ١٠٢]: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِعُسْفَانَ صَلَاةَ الظُّهْرِ، فَرَأَوْهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ فُرْصَةً لَكُمْ». قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: فَإِنَّ لَهُمْ صَلَاةً أُخْرَى هِيَ أَحَبُّ إلَيْهِمْ مِنْ أَهْلَيْهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَاسْتَعِدُّوا حَتَّى تُغِيرُوا عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: ١٠٢]: وَهَذَا سُقْنَاهُ لِتَتَبَيَّنُوا أَنَّهَا آيَةٌ أُخْرَى فِي قِصَّةٍ غَيْر قِصَّةِ الْقَصْرِ، وَتَتَحَقَّقُوا غَبَاوَةَ مَنْ حَذَفَ الْوَاوَ.

[مَسْأَلَة الصَّلَاة حَالَة الْمُسَايَفَةِ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُصَلِّي حَالَ الْمُسَايَفَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى لَا تَصِحُّ مَعَهُ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ، فَلَا يَصِحُّ مَعَهُ فِي الْخَوْفِ كَالرُّعَافِ. وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمُ الصَّحِيحُ: «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا»؛ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي حَالَةِ الْمُسَايَفَةِ وَشِدَّةِ الْخَوْفِ وَصِفَةِ مَوْقِفِ الْعَدُوِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>