للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الزِّحَافُ فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا فُعِلَتْ كَمَا أَنَّهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَى الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ فُعِلَ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ ضَرُورَةٍ فَإِنَّهُ سَاقِطُ الِاعْتِبَارِ. وَمَا قُلْنَاهُ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّا نَحْنُ أَسْقَطْنَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِ الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ أَسْقَطَ أَصْلَ الصَّلَاةِ، فَهَذَا أَرْجَحُ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةُ رَأَوْا سَوَادًا فَظَنُّوهُ عَدُوًّا فَصَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ ثُمَّ بَانَ لَهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ شَيْءٍ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا رَأَوْا سَوَادًا فَظَنُّوهُ عَدُوًّا فَصَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ، ثُمَّ بَانَ لَهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ شَيْءٍ، فَلِعُلَمَائِنَا فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يُعِيدُونَ؛ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَالثَّانِيَةُ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ عَمِلُوا عَلَى اجْتِهَادِهِمْ، فَجَازَ لَهُمْ كَمَا لَوْ أَخْطَئُوا الْقِبْلَةَ. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُمْ تَبَيَّنَ لَهُمْ الْخَطَأُ، فَعَادُوا إلَى الصَّوَابِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَالْمُضَاءُ عَلَى الصَّلَاةِ، وَتَرْكُ الْإِعَادَةِ أُولَى؛ لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ، وَاجْتَهَدُوا وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ لَا فِي الْقِبْلَةِ وَلَا فِي الْخَوْفِ وَلَا فِي أَمْثَالِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا تَابَعَ الطَّعْنَ وَالضَّرْبَ فَسَدَتْ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ حِينَئِذٍ صَلَاةً، وَإِنَّمَا تَكُونُ مُحَارَبَةً. قُلْنَا: يَا حَبَّذَا الْفَرْضَانِ إذَا اجْتَمَعَا، وَإِذَا كَانَتْ الْحَرَكَةُ لَعِبًا لَمْ تَنْتَظِمْ مَعَ الصَّلَاةِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ عِبَادَةً وَاجِبَةً وَتُعُيِّنَتَا جَمِيعًا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَيُصَلِّي وَيُقَاتِلُ؛ وَعُمُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُكْبَانًا، وَعَلَى أَقْدَامِهِمْ، وَمُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا» يُعْطِي جَوَازَ قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ.

[مَسْأَلَة لَا يَفْتَقِرُ الْقَصْرُ وَالْخَوْفُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ]

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَالَ الْمُزَنِيّ: لَا يَفْتَقِرُ الْقَصْرُ وَالْخَوْفُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ، وَهَذِهِ إحْدَى خَطِيئَاتِهِ؛ فَلَهُ انْفِرَادَاتٌ يَخْرُجُ فِيهَا عَنْ مَقَامِ الْمُتَثَبِّتِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>