للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْأَصْلِيَّةِ، فَيَدْخُلُ فِي هَذَا اللَّفْظُ فِي النَّحْلِ وَيَتَنَاوَلُهَا اللَّفْظُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ.

وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ عَلَى الْأَحْوَالِ الْمُعْتَادَةِ الْعُرْفِيَّةِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا؛ إذْ لَا يُعْتَادُ ذَلِكَ مِنْ أَوْبَارِهَا. وَهَا هُنَا انْتَهَى تَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: ١]: قَالُوا: مِنْ قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِ: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} [المائدة: ١] وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي كُلِّ مُحَرَّمٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ: {إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: ١]. وَاَلَّذِي يُتْلَى هُوَ الْقُرْآنُ، لَيْسَ السُّنَّةَ. قُلْنَا: كُلُّ كِتَابٍ يُتْلَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ} [العنكبوت: ٤٨] وَكُلُّ سُنَّةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ: «لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُك وَجَارِيَتُك فَرَدٌّ عَلَيْك، وَعَلَى ابْنِك جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ». وَلَيْسَ هَذَا فِي الْقُرْآنِ، وَلَكِنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي أَوْحَاهُ إلَى رَسُولِهِ عِلْمًا مِنْ كِتَابِهِ الْمَحْفُوظِ عِنْدَهُ.

وَالدَّلِيلُ الثَّانِي: فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>