للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُرْآنِ وَلَا فِي الْحَدِيثِ حَسْبَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُتَّصِلَ هُوَ أَصْلُ اللُّغَةِ، وَجُمْهُورُ الْكَلَامِ، وَلَا يُرْجَعُ إلَى الْمُنْقَطِعِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْمُتَّصِلُ. وَتَعَذُّرُ الْمُتَّصِلِ يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ: إمَّا عَقْلِيًّا وَإِمَّا شَرْعِيًّا؛ فَتَعَذُّرُ الِاتِّصَالِ الْعَقْلِيِّ هُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ قَبْلَ هَذَا فِي الْأَوَّلِ.

وَأَمَّا التَّعَذُّرُ الشَّرْعِيُّ فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا قَوْمَ يُونُسَ} [يونس: ٩٨].

فَإِنَّ قَوْلَهُ: {إِلا قَوْمَ يُونُسَ} [يونس: ٩٨] لَيْسَ رَفْعًا لِمُتَقَدِّمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى لَكِنْ. وَقَوْلَهُ: {طه - مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: ١ - ٢] {إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [طه: ٣].

وَقَوْلَهُ: {إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: ١٠] {إِلا مَنْ ظَلَمَ} [النمل: ١١]. عُدْنَا إلَى قَوْلِهِ: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣]، قُلْنَا: فَأَمَّا الَّذِي يُمْنَعُ أَنْ يَعُودَ إلَى مَا يُمْكِنُ إعَادَتُهُ إلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} [المائدة: ٣] إلَى آخِرِهَا،

[مَسْأَلَة إذَا أَدْرَكْت ذَكَاةَ الْمَوْقُوذَةِ وَهِيَ تُحَرِّكُ يَدًا أَوْ رِجْلًا]

كَمَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " إذَا أَدْرَكْت ذَكَاةَ الْمَوْقُوذَةِ وَهِيَ تُحَرِّكُ يَدًا أَوْ رِجْلًا فَكُلْهَا "، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ؛ وَهُوَ خَالٍ عَنْ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ يَرُدُّهُ؛ بَلْ قَدْ أَحَلَّهُ الشَّرْعُ؛ فَقَدْ ثَبَتَ «أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِالْجَبَلِ الَّذِي بِالسُّوقِ، وَهُوَ سَلْعٌ، فَأُصِيبَتْ مِنْهَا شَاةٌ فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِأَكْلِهَا».

وَرَوَى النَّسَائِيّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: «أَنَّ ذِئْبًا نَيَّبَ شَاةً فَذَبَحُوهَا بِمَرْوَةِ، فَرَخَّصَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَكْلِهَا».

<<  <  ج: ص:  >  >>