للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] هَلْ يَتَضَمَّنُ مَا إذَا غَابَ عَنْك الصَّيْدُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: " إذَا غَابَ عَنْك فَلَيْسَ بِمُمْسِكٍ عَلَيْك " وَإِذَا بَاتَ فَلَا تَأْكُلْهُ فِي أَشْهَرِ الْقَوْلَيْنِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُؤْكَلُ وَتَعَلَّقَ عُلَمَاؤُنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلْ مَا أَصْمَيْت وَدَعْ مَا أَنْمَيْت». فَالْإِصْمَاءُ فِي اللُّغَةِ: الْإِسْرَاعُ، أَيْ كُلْ مَا قَتَلَ مُسْرِعًا، وَأَنْتَ تَرَاهُ، وَدَعْ مَا أَنْمَيْت: أَيْ مَا مَضَى مِنْ الصَّيْدِ وَسَهْمُك فِيهِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فَهُوَ لَا تَنْمِي رَمِيَّتُهُ ... مَا لَهُ لَا عُدَّ مِنْ نَفَرِهِ

وَالصَّحِيحُ أَكْلُهُ وَإِنْ غَابَ مَا لَا تَجِدُهُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ أَوْ عَلَيْهِ أَثَرٌ غَيْرُ أَثَرِ سَهْمِك. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لَهُ: كُلْهُ مَا لَمْ تَجِدْهُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ، فَإِنَّك لَا تَدْرِي أَسَهْمُك قَتَلَهُ أَمْ لَا»، كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ: «إذَا رَمَيْت بِسَهْمِك فَغَابَ عَنْك فَأَدْرَكْته فَكُلْهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ مَا لَمْ يُنْتِنْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا: زَادَ النَّسَائِيّ «وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ سَبْعٌ فَكُلْهُ».

[الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ]

ْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: ٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>