للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّابِعُ: الْأَنْفُ، وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، فَقَالَ: «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَسْتَنْثِرْ، وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ». وَقَالَ أَيْضًا: «فَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ».

الْخَامِسُ: الْعَيْنُ، وَالْحُكْمُ فِيهَا وَاحِدٌ أَثَرًا وَنَظَرًا وَلُغَةً، وَلَكِنْ سَقَطَ غَسْلُهَا لِلتَّأَذِّي بِذَلِكَ وَالْحَرَجِ بِهِ، وَلِذَلِكَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَمَّا عَمِيَ يَغْسِلُ عَيْنَيْهِ إذْ كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِذَلِكَ.

السَّادِسُ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ مَعَ الْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ فِيهِ، كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ عُمُومِ مَسْحِ الرَّأْسِ مِنْ مَسْحِ جُزْءٍ مَعَهُ مِنْ الْوَجْهِ لَا يَتَقَدَّرُ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَصْلٍ مَنْ أُصُولِ الْفِقْهِ؛ وَهُوَ أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ مِثْلُهُ؛ وَقَدْ مَهَّدْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ؛ فَهَذِهِ تَتِمَّةُ تِسْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً.

[مَسْأَلَة غَسْلَ الْوَجْهِ لِلصَّلَاةِ]

الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ: قَالَ لَنَا فَخْرُ الْإِسْلَامِ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ فِي الدَّرْسِ: لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] كَانَ مَعْنَاهُ ضَرُورَةَ اللُّغَةِ: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ؛ وَذَكَرَ أَمْثِلَةً بَيَّنَّاهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ؛ فَاقْتَضَى الْأَمْرُ بِظَاهِرِهِ غَسْلَ الْوَجْهِ لِلصَّلَاةِ، فَمَنْ غَسَلَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُمْتَثِلًا لِلْأَمْرِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، هَاهُنَا كَلَامًا مُخْتَلًّا وَهِيَ:

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: وَنَصُّهُ: " ظَنَّ ظَانُّونَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الَّذِينَ يُوجِبُونَ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ الْوُضُوءَ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَوْجَبَهُ لِأَجْلِهِ، وَأَنَّهُ أَوْجَبَ بِهِ النِّيَّةَ؛ وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ إيجَابَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ الْوُضُوءَ لِأَجْلِ الْحَدَثِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>