للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا ... وَرَأَيْت زَوْجَك فِي الْوَغَى

مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا ... فِعْلًا فَرُوعَ الْأَيْهَقَانِ وَأَطْفَلَتْ

بِالْجَلْهَتَيْنِ ظِبَاؤُهَا وَنِعَامُهَا

وَكَقَوْلِهِ:

شَرَّابُ أَلْبَانٍ وَتَمْرٍ وَأَقِطٍ

تَقْدِيرُهُ: عَلَفْتهَا تِبْنًا وَسَقَيْتهَا مَاءً. وَمُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَحَامِلًا رُمْحًا، وَأَطْفَلَتْ بِالْجَلْهَتَيْنِ ظِبَاؤُهَا وَفَرَّخَتْ نِعَامُهَا. وَشَرَّابُ أَلْبَانٍ وَآكِلُ تَمْرٍ وَأَقِطٍ. فَإِنْ قِيلَ: هَاهُنَا عَطَفَ وَشَرَكَ فِي الْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَفْعُولًا اتِّكَالًا عَلَى فَهْمِ السَّامِعِ لِلْحَقِيقَةِ. قُلْنَا: وَهَا هُنَا عَطَفَ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الرُّءُوسِ وَشَرَكَهُمَا فِي فِعْلِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَفْعُولُهُ، تَعْوِيلًا عَلَى بَيَانِ الْمَبْلَغِ، فَقَدْ بَلَغَ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَيْضًا أَنَّهَا تَكُونُ مَمْسُوحَةً تَحْتَ الْخُفَّيْنِ؛ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي الْبَيَانِ؛ وَقَدْ أَفْرَدْنَاهَا مُسْتَقِلَّةً فِي جُزْءٍ.

[مَسْأَلَة الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: إذَا ثَبَتَ وَجْهُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَإِنَّهَا أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَعَلَامَةٌ مُفَرِّقَةٌ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ، وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ. فَإِنْ قِيلَ: هِيَ أَخْبَارُ آحَادٍ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ عِنْدَ الْمُبْتَدِعَةِ بَاطِلٌ. قُلْنَا: خَبَرُ الْوَاحِدِ أَصْلٌ عَظِيمٌ لَا يُنْكِرُهُ إلَّا زَائِغٌ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى الرُّجُوعِ إلَيْهِ، وَقَدْ جَمَعْنَاهُ فِي جُزْءٍ. الْجَوَابُ الثَّانِي: إنَّهَا مَرْوِيَّةٌ تَوَاتُرًا؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ اتَّفَقَتْ عَلَى نَقْلِهَا خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَإِنْ أُضِيفَتْ إلَى آحَادٍ، كَمَا أُضِيفَ اخْتِلَافُ الْقِرَاءَاتِ إلَى الْقُرَّاءِ فِي نَقْلِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ مُتَوَاتِرٌ. وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ فِيهَا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>