للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ]

الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ: قَوْله تَعَالَى {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩]:

سَمِعْت، عَنْ الْبَائِسِ أَنَّهُ قَالَ: يُجْزِئُ الْمَعِيبُ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْعَيْبَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يُفْسِدُ جَارِحَةً، وَلَا مُعْظَمَ مَنْفَعَتِهَا، كَثَلَاثَةِ أَصَابِعَ مِنْ كَفٍّ، فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَإِنْ أَرَادَ الْعَيْبَ الْمُطْلَقَ فَقَدْ خَسِرَتْ صَفْقَتُهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَعْتِقُ امْرَأً مُسْلِمًا إلَّا كَانَ فِكَاكُهُ مِنْ النَّارِ، كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ بِعُضْوٍ حَتَّى الْفَرْجِ بِالْفَرْجِ»؛ وَلِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَعِيبَ رَقَبَةٌ مُطْلَقَةٌ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: وَلَا تَكُونُ كَافِرَةً، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقُ اللَّفْظِ يَقْتَضِيهَا؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَاجِبَةٌ، فَلَا يَكُونُ الْكَافِرُ مَحِلًّا لَهَا كَالزَّكَاةِ. وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي التَّلْخِيصِ، وَهِيَ طُيُولِيَةٌ فَلْتُنْظَرْ هُنَاكَ.

[مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [المائدة: ٨٩]

الْمُعْدَمُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ يَكُونُ لِوَجْهَيْنِ: إمَّا لِمَغِيبِ الْمَالِ عَنْ الْحَالِفِ، أَوْ لِعَدَمِ ذَاتِ الْيَدِ؛ فَإِنْ كَانَ لِمَغِيبِ الْمَالِ فَحَيْثُ كَانَ ثَاوِيًا كَانَ كَعَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَوَجَدَ مِنْ يُسَلِّفُهُ لَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُسَلِّفُهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: يَنْتَظِرُ إلَى بَلَدِهِ، وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ؛ بَلْ يُكَفِّرُ بِالصِّيَامِ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْتَفِتَ إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الذِّمَّةِ، وَالشَّرْطُ مِنْ الْعَدَمِ قَدْ تَحَقَّقَ، فَلَا وَجْهَ لِتَأْخِيرِ الْأَمْرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: فِي تَحْدِيدِ الْعَدَمِ:

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَنْ لَمْ يَجِدْ: مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: دِرْهَمَانِ. وَقِيلَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضْلٌ عَنْ رَأْسِ مَالِهِ الَّذِي يَعِيشُ مِنْهُ مَعَ عِيَالِهِ فَهُوَ الَّذِي لَمْ يَجِدْ.

وَقِيلَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا قُوتُ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ؛ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا دَلِيلٌ يَقُومُ عَلَيْهِ، وَلَا سِيَّمَا مَنْ قَالَ بِدِرْهَمٍ وَدِرْهَمَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>