للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ:

وَكَذَلِكَ كَفَّارَةُ الْعَبْدِ إذَا أَحْرَمَ أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ كَكَفَّارَةِ الْحُرِّ سَوَاءٌ؛ لَكِنْ يَكُونُ حُكْمُهُ فِي الْكَفَّارَةِ الْمَالِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ مُخْتَلِفَ الْحَالِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي آيَةِ الظِّهَارِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَةُ الْوَقْتِ الَّذِي تُعْتَبَرُ بِهِ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ]

الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ ثَلَاثِينَ:

إذَا قُوِّمَ الطَّعَامُ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْنَ يُقَوَّمُ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: يُقَوَّمُ فِي مَوْضِعِ الْجِنَايَةِ؛ قَالَهُ حَمَّادٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَسِوَاهُمْ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُقَوَّمُ حَيْثُ يُكَفِّرُ بِمَكَّةَ. وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُشْكِلَةٌ جِدًّا؛ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تُعْتَبَرُ بِهِ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ؛ فَقَالَ قَوْمٌ: يَوْمَ الْإِتْلَافِ. وَقَالَ آخَرُ: يَوْمَ الْقَضَاءِ. وَقَالَ آخَرُونَ: يَلْزَمُ الْمُتْلِفُ أَكْثَرَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الْإِتْلَافِ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ، وَاخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا كَاخْتِلَافِهِمْ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْإِتْلَافِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْوُجُوبَ كَانَ حَقًّا لِلْمُتْلَفِ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَعْدَمَهُ الْمُتْلِفُ لَزِمَهُ إيجَادُهُ بِمِثْلِهِ، وَذَلِكَ فِي وَقْتِ الْعَدَمِ، فَالْقَضَاءُ يُظْهِرُ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ، وَلَا يَسْتَأْنِفُ الْقَاضِي إيجَابًا لَمْ يَكُنْ، وَهَذَا يُعَضِّدُ فِي مَسْأَلَتِنَا الْوُجُوبَ فِي مَوْضِعِ الْإِتْلَافِ، فَأَمَّا فِي مَوْضِعِ فِعْلِ الْكَفَّارَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ.

[مَسْأَلَة مَكَان الْهُدَى فِي مَكَّة]

الْمَسْأَلَة الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ:

قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فَأَمَّا الْهَدْيُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَكَّةَ. وَأَمَّا الْإِطْعَامُ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ؛ هَلْ يَكُونُ بِمَكَّةَ أَوْ بِمَوْضِعِ الْإِصَابَةِ. وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ: إنَّهُ يَصُومُ حَيْثُ شَاءَ. وَقَالَ حَمَّادٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُكَفِّرُ بِمَوْضِعِ الْإِصَابَةِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: مَا كَانَ مِنْ دَمٍ أَوْ طَعَامٍ بِمَكَّةَ، وَيَصُومُ حَيْثُ شَاءَ.

وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: يُكَفِّرُ حَيْثُ شَاءَ. فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّهُ يُكَفِّرُ حَيْثُ أَصَابَ، فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>