للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ شِهَابٍ، رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: وَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ نَافِعٍ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ.

وَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي أَنْ يَزُولَ عَنْهُ الْمِلْكُ وَالْيَدُ وَيَبْقَى كَالْجَمَلِ الْمُسَيَّبِ الَّذِي لَا يُعْرَضُ لَهُ، وَلَوْ تَبَيَّنَ الْوَلَاءُ لِأَحَدٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ هَذَا الْمَعْنَى.

وَوَجْهُ الثَّانِي وَبِهِ أَقُولُ: إنَّهُ لَا سَائِبَةَ فِي الْإِسْلَامِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ».

وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ عَنْ مُعَيَّنٍ، فَلَا يَخْرُجُ الْوَلَاءُ عَنْهُ، كَمَا لَوْ أَطْلَقَ الْعِتْقَ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ]

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [المائدة: ١٠٣]: وَهَذَا عَامٌّ فِيهِمْ، لَكِنْ افْتِرَاؤُهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهُمْ: افْتِرَاءُ مُعَانِدٍ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ وَزُورٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ، وَهُمْ الْأَتْبَاعُ لِرُؤَسَائِهِمْ وَأَهْلُ الْغَفْلَةِ مِنْهُمْ، وَهُمْ الْأَكْثَرُ؛ وَالْعَذَابُ يُشْرِكُهُمْ وَيَعُمُّهُمْ، وَالْعِنَادُ أَعْظَمُ عَذَابًا.

[الْآيَة الثَّانِيَة وَالثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ]

الْآيَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ:

قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} [المائدة: ١٠٤].

فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ارْتِبَاطُهَا بِمَا قَبْلَهَا: وَذَلِكَ بَيِّنٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ جَهَالَةِ الْعَرَبِ فِيمَا تَحَكَّمَتْ فِيهِ بِآرَائِهَا السَّقِيمَةِ فِي الْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ وَالْحَوَامِي، وَاحْتِجَاجُهُمْ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ أَمْرٌ وَجَدُوا عَلَيْهِ آبَاءَهُمْ؛ فَاتَّبَعُوهُمْ فِي ذَلِكَ، وَتَرَكُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَأَمَرَ بِهِ مِنْ دِينِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>