للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: ١٠٦]. ثُمَّ قَالَ {مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] يَعْنِي أَوْ آخَرَانِ عَدْلَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ. وَبِهِ يَصِحُّ الْعَطْفُ، وَقَالَ: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} [المائدة: ١٠٦] فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَا مُؤْمِنَيْنِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ الْقَبِيلَةِ أَوْ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَيَتَرَجَّحُ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا تَقَدَّمَ.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [المائدة: ١٠٦] وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ:

إنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الشَّهَادَةَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا ذِكْرُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَيَتَخَصَّصُ بِهِ هَاهُنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [المائدة: ١٠٦]، كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فِيهِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ فِي الْغَالِبِ، فَيُؤْخَذُ الْكَافِرُ عِوَضًا مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ فِي الشَّهَادَةِ؛ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ، وَاخْتَارَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي السَّفَرِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ وَالْآيَةِ. وَنُبَيِّنُهُ فِيمَا بَعْدُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: ١٠٦]

يَعْنِي وَقَدْ أَسْنَدْتُمْ النَّظَرَ إلَيْهِمَا، وَاسْتَشْهَدْتُمُوهُمَا. أَوْ ارْتَبْتُمْ بِهِمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سَرْدِ الْقَصَصِ وَالرِّوَايَاتِ وَذِكْرِ الْآثَارِ وَالْمَقَالَاتِ

[مَسْأَلَة حَبْسِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَقُّ]

الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ: قَوْله تَعَالَى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} [المائدة: ١٠٦] وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى حَبْسِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَهُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْحُكُومَةِ، وَحُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ؟ فَإِنَّ الْحُقُوقَ الْمُتَوَجِّهَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مِنْهَا مَا يَصِحُّ اسْتِيفَاؤُهُ مُعَجَّلًا، وَمِنْهَا مَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ إلَّا مُؤَجَّلًا فَإِنْ خُلِّيَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَغَابَ وَاخْتَفَى بَطَلَ الْحَقُّ وَتَوِيَ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ التَّوَثُّقِ مِنْهُ، فَإِمَّا بِعِوَضٍ عَنْ الْحَقِّ وَيَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>