للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْصِيلِ اللَّهِ وَحُكْمِهِ وَإِيضَاحِهِ وَشَرْحِهِ بِهَوًى بَاطِلٍ وَرَأْيٍ فَاسِدٍ، صَدَرَا عَنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَكَانَا بِاعْتِدَاءٍ وَإِثْمٍ، وَرَبُّك أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ.

[مَسْأَلَة وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} [الأنعام: ١٢٠].

الْمَعْنَى: قَدْ فَصَّلَ لَكُمْ الْمُحَرَّمَ فَذَرُوهُ وَهُوَ الْإِثْمُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَفِي ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ:

ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ: سِرُّهُ وَعَلَانِيَتُهُ: قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ.

الثَّانِي: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ظَاهِرُ الْإِثْمِ نِكَاحُ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، وَبَاطِنُهُ الزِّنَا.

الثَّالِثُ: ظَاهِرُ الْإِثْمِ أَصْحَابُ الرَّايَاتِ مِنْ الزَّوَانِي، وَبَاطِنُهُ ذَوَاتِ الْأَخْدَانِ؛ قَالَهُ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ.

الرَّابِعُ: ظَاهِرُ الْإِثْمِ طَوَافُ الْعُرْبَانِ، وَبَاطِنُهُ الزِّنَا؛ قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.

وَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ: إنَّ الْإِثْمَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْخَمْرِ؛ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ فِي الْقَوْلِ الْخَامِسِ ظَاهِرُ الْإِثْمِ الْخَمْرُ، وَبَاطِنُهُ الْمُثَلَّثُ وَالْمُنَصَّفُ، وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَيُحْتَمَلُ وَجْهًا سَادِسًا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ الْإِثْمِ وَاضِحَ الْمُحَرَّمَاتِ. وَبَاطِنُهُ الشُّبُهَاتِ وَمِنْهَا الذَّرَائِعُ، وَهِيَ الْمُبَاحَاتُ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْمُحَرَّمَاتِ؛ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ.

[مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] يَعْنِي: فَمُطْلَقُ سَبَبِ الْآيَةِ الْمَيْتَةُ، وَهِيَ الَّتِي قَالُوا هُمْ فِيهَا: وَلَا نَأْكُلُ مِمَّا قَتَلَ اللَّهُ.

فَقَالَ اللَّهُ لَهُمْ: لَا تَأْكُلُوا مِنْهَا؛ فَإِنَّكُمْ لَمْ تَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا. فَإِنْ قِيلَ وَهِيَ:

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: هَذَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ، وَقَصْرُ اللَّفْظِ الْوَارِدِ عَلَى السَّبَبِ الْمَوْرُودِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ اللَّفْظُ مُسْتَقِلًّا دُونَ عَطْفِهِ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لُغَةً وَلَا حُكْمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>