للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فَإِنَّ تَرْكَهُمْ لِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ مَذْمُومٌ مِنْهُمْ وَفِيهِمْ؛ فَكَانَ ذَلِكَ أَصْلًا فِي تَرْكِ أَكْلِ مَا لَمْ يُسَمَّ اللَّهُ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: ١٣٧] يَعْنِي: فِي الْوَأْدِ لِلْبَنَاتِ مَخَافَةَ السِّبَاءِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ وَمَا حُرِمْنَ مِنْ النُّصْرَةِ، كَمَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ.

وَقِيلَ: كَمَا فَعَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ حِينَ نَذَرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ عَبْدَ اللَّهِ.

وَحَقِيقَةُ التَّزْيِينِ إظْهَارُ الْجَمِيلِ، وَإِخْفَاءُ الْقَبِيحِ، وَقَدْ يَتَغَلَّبُ بِخِذْلَانِ اللَّهِ لِلْعَبْدِ، كَمَا يَتَحَقَّقُ بِتَوْفِيقِهِ لَهُ. وَمِنْ الْبَاطِلِ الَّذِي ارْتَكَبُوهُ بِتَزْيِينِ الشَّيْطَانِ تَصْوِيرَهُ عِنْدَهُمْ جَوَازُ أَكْلِ الذُّكُورِ مِنْ الْقَرَابِينِ، وَمَنْعُ الْإِنَاثِ مِنْ أَكْلِهَا، كَالْأَوْلَادِ وَالْأَلْبَانِ، وَكَانَ تَفْضِيلُهُمْ لِلذُّكُورِ لِأَحَدِ وَجْهَيْنِ، أَوْ بِمَجْمُوعِهِمَا:

إمَّا لِفَضْلِ الذَّكَرِ فِي نَفْسِهِ عَلَى الْأُنْثَى، وَإِمَّا لِأَنَّ الذُّكُورَ كَانُوا سَدَنَةَ بُيُوتِ الْأَصْنَامِ؛ فَكَانُوا يَأْكُلُونَ مِمَّا جُعِلَ لَهُمْ مِنْهَا؛ وَذَلِكَ كُلُّهُ تَعَدٍّ فِي الْأَفْعَالِ، وَابْتِدَاءٌ فِي الْأَقْوَالِ، وَعَمَلٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ مِنْ الشَّرْعِ؛ وَلِذَلِكَ أَنْكَرَ جُمْهُورٌ مِنْ النَّاسِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلَ بِالِاسْتِحْسَانِ وَهِيَ:

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فَقَالُوا: إنَّهُ يُحَرِّمُ وَيُحَلِّلُ بِالْهَوَى مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، وَمَا كَانَ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَتْبَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَيْفَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَعُلَمَاؤُنَا مِنْ الْمَالِكِيَّةِ كَثِيرًا مَا يَقُولُونَ: الْقِيَامُ كَذَا فِي مَسْأَلَةٍ، وَالِاسْتِحْسَانُ كَذَا، وَالِاسْتِحْسَانُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ.

وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

نُكْتَتُهُ الْمُجْزِئَةُ هَاهُنَا أَنَّ الْعُمُومَ إذَا اسْتَمَرَّ وَالْقِيَاسُ إذَا اطَّرَدَ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ يَرَيَانِ تَخْصِيصَ الْعُمُومِ بِأَيِّ دَلِيلٍ كَانَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>