للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فضل سهيلة بنت مسعود وموقفها من قصة الطعام]

وذهب جابر إلى امرأته يقول: ويحك! جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار.

المرأة لعلها أولاً قالت: بك وبك، ثم استدركت فقالت: هل سألك عن الطعام؟ قال: نعم، وفي رواية قال جابر: فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، أي: من هذا العدد الكبير من الناس وليس عندي ما أطعمهم، وقلت: جاء الخلق على صاع من شعير وعناق، فدخلت على امرأتي أقول: افتضحت! جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق أجمعين فقالت: هل كان سألك عن طعامك؟ فقلت: نعم.

فقالت: الله ورسوله أعلم.

فكشف عني غماً شديداً كلامُ المرأة.

ظنت أنه لم يعلمه فخاصمته، وقالت: بك وبك، فلما أعلمها سكن ما عندها، ثم تحولت القضية إلى إيمان فقالت: الله ورسوله أعلم، وهذا يدل على وفور عقلها، وكمال فهمها رضي الله عنها، هذه سهيلة بنت مسعود الأنصاري نسأل الله أن يحشرنا معها.

هذه المرأة وقع لها قصة أخرى مع جابر، أي قصة التمر، وهي أن جابراً أوصاها لما زاره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تكلمه (كان على جابر دين عظيم تركه أبوه، وزاره النبي عليه الصلاة والسلام لحل مشكلة هذا الدين، وقد أوصى جابر زوجته أن إذا جاءنا النبي عليه الصلاة والسلام فلا تكلميه ولا تتحدثي معه، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الانصراف نادته المرأة: يا رسول الله! صل علي وعلى زوجي -أي: ادع لي ولزوجي- قال: صلى الله عليك وعلى زوجك، فعاتبها جابر لأنه قال لها لا تتكلمي فتكلمت، فقالت له: أكنت تظن أن الله يورد رسوله بيتي ثم يخرج ولا أسأله الدعاء) أخرجه الإمام أحمد بإسناد حسن.

المهم أن جابراً رجع إليه فبين له، فأتاه فقال: يا رسول الله! إنما هي عناق وصاع شعير قال: (فارجع فلا تحركن شيئاً من التنور ولا من القدر حتى آتيها، واستعر صحافاً) كما في رواية.

ولما جاء النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة معه أمرهم بالدخول وقال: (ولا تضاغطوا) يعني لا تزدحموا وادخلوا برفق، ثم أخرج العجين، وتفل فيه صلى الله عليه وسلم، ودعا بالبركة، ثم إلى البرمة كذلك ودعا بالبركة وجعل يخمر البرمة أي: يغطيها، ثم ينزع اللحم من البرمة، وأمر الخابزة أن تأتي لتخبز، وأمر بالغرف، وأقعدهم عشرةً عشرةً، فأكلوا عشرة عشرة.

قال جابر: وبقيت بقية فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وفي رواية: فما زال يقرب إلى الناس حتى شبعوا أجمعون، ويعود التنور والقدر أملأ مما كانا أي: أكثر امتلاءٍ مما كانت قبل أن يأكل منها ألف رجل، وقال عليه الصلاة والسلام في ختام القصة للمرأة: كلي هذا وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة، قالت: فلم نزل نأكل ونهدي يومنا أجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>