للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واختلف هل يوجب ذلك فسخا. قال في سماع أصبغ وسمعت ابن القاسم يقول فيمن سلف في قراطيس طولها عشرون ذراعا فلما حل الأجل قال المشتري إنما لي بذراعي. وقال البائع بل بذراعي ولم يكونا سميا قال لا ينظر إلى قول هذا ولا هذا وأرى أن يحملا على ذراع وسط. قال ونزلت فأفتيت فيها بذلك. قال أصبغ: ولم ير هذا فسخا. وهذا أحسن عندي والقياس الفسخ.

قال الشيخ ابن رشد رحه تع في قوله ولم يكونا سميا دليل على أنهما لو توافقا على أن السلم وقع بينهما على ذراع أحدهما بعينه لجاز وهو مذهبه في المدونة. لأنه أجاز السلم على ذراع رجل بعينه قال ويكفي أن يسمي الذراع فقط فإن اختلفا فيه عند القبض كان له الوسط من أذرع الناس هذا إذا لم يكن القاضي قد جعل ذراعا للناس يتبايعون عليه فإن كان قد نصب ذراعا للناس يتبايعون عليه وجب الحكم به والرجوع إليه عند الإبهام.

وتحصيل القول في هذه المسألة عندي أن القاضي إن كان نصب للناس ذراعا يتبايعون عليه لم يجز اشتراط ذراع رجل بعينه كما لا يجوز ترك المكيال المعروف الجاري إلى مكيال مجهول.

وإن لم يكن للناس ذراع منصوب فهذا موضع الاختلاف. قيل إن موضع الذراع الوسط كالذراع المنصوب فلا يجوز السلم على ذراع رجل بعينه وإنما يجوز على الذراع الوسط أو على ذراع ولا يسميا شيئا فيحكم بينهما بذراع وسط وهو الذي ذهب إليه ابن حبيب.

وقيل إنه لا يكون الذراع الوسط كالذراع المنصوب ويجوز السلم على ذراع رجل بعينه وعلى ذراع وسط كما يجوز شراء الطعام على مكيال مجهول في القرى ومن الأعراب حيث ليس لهم مكيال يتبايعون عليه وهو مذهب ابن القاسم في المدونة ودليل قوله في هذه الرواية. فإن لم يسميا شيئا حملا على ذراع وسط. وقول أصبغ استحسان والقياس الفسخ ولو اختلفا على هذا القول فقال المسلم وقع السلم على ذراعي وقال المسلم إليه بل على ذراعي كان الحكم في ذلك حكم اختلافهما في عدد المسلم فيه.

وأما على القول الآخر فيفسخ السلم بينهما لاتفاقهما على أنه وقع فاسدا ولو ادعى أحدهما أن السلم وقع على ذراع وسط لكان القول قوله لأنه مدعى الصحة دون صاحبه وكذلك لو اختلفا حيث ثم ذراع منصوب فادعى أحدهما الذراع المنصوب.

<<  <   >  >>