للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والثالث إجازة احتكارها كلها ما عدا القمح والشعير وهو دليل رواية أشهب عن مالك في جامع البيوع.

والرابع المنع من احتكارها كلها ما عدا الأدم والفواكه والسمن والعسل والتبين والزبيب وشبه ذلك وقد قال ابن أوبيس فيما ذهب إليه مطرف وابن الماجشون من أنه لا يجوز احتكار شيء من الأطعمة معناه في المدونة إذ لا يكون الاحتكار أبدا إلا مضرا بأهله لقلة الطعام بها فعلى قولهم متفقون على أن علة المنع من الاحتكار تغلية الأسعار وإنما اختلفوا في جوازه لاختلافهم باجتهادهم في وجود العلة وعدمها والاختلاف بينهم في أن ما عدا الأطعمة من العصفر والكتان والحناء وشبهها من السلع يجوز احتكارها إذا لم يضر ذلك بالناس.

قلت ومثل هذا التحصيل الذي هنا وقع له في رسم البيوع الأول من سماع أشهب من كتاب جامع البيوت والآثار التي أشار إليها القصد الأول بالمنع منها ما ذكر من قوله صلعم لا يحتكر إلا خاطى ومنها قوله صعلم المحتكر ملعون والجالب مرزوق وقال صلعم من اشترى طعاما يتربص به أربعين يوما فقد برئت منه ذمة الله * وأيما قوم ظل في ناديهم امرؤ من المسلمين جائعا فقد برئت منهم ذمة الله. وعنه صلعم من احتكر للمسلمين طعاما ضربه الله بفقر وإفلاس. وعن معاذ أن رسول الله صلعم قال بئس العبد المحتكر إن أرخص الله الأسعار حزن وإن أغلاها فرح وفي الأخرى إن يسمع برخص ساءه وإن سمع بغلاء فرح.

وعن أبي هريرة ومعقل بن يسار أن رسول الله صلعم قال: يحشر الحكارون وقتلة النفس في درجة واحدة وعن عبد الله ابن عمرو بن العاص إذا لم يكن للرجل تجارة غير الطعام طغى وبغى. وفي "أحكام السوق" الواجب على المسلمين الاعتصام بالسنة وإتباع نبينا صلعم قال تع: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} الآية ثم قال سبحانه: {لو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل} الآية معناه لأسبغ عليهم الدنيا إسباغا.

وذكر الشيخ البرزلي أنه شاهد أقواما كانوا يخزنون الطعام للشدائد فدثرت أموالهم ولم يبق لها بكرة ومحقت إما في حياتهم أو بعد وفاتهم بأيدي ورثتهم ومن معنى الاحتكار

<<  <   >  >>