للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله} ونظيره في الآي القرآنية والأحاديث النبوية كثير.

وفي سماع أشهب وسئل مالك عمن قال امرأتي طالق إن كان يدخل بطون العباد أخبث من الشراب المسكر فقال مالك الدم والميتة ولحم الخنزير وما هذا عندي بالبين ثم تفكر فيها طويلا ثم قال لو طلقها واحدة ثم ارتجعها فقيل له إنها ليست عنده إلا على واحدة فقال قال الله عز وجل في الربا: {فأذنوا بحرب من الله ورسوله} وليس هذا في الخمر يأخذ دينارا بدينارين يأكله إذا أخذ يشرب الخمر جلد وخلي وإذا أخذ الذي يأكل الميتة عذب عذابا أليما فأرى أن يفارق أصواته قال إذن أترى أن يفارقها قال نعم.

قال ابن رشد رحه حمل مالك يمين الحالف بالطلاق على أنه لا يدخل بطون العباد شيء أخبث من الشراب المسكر على أن المعنى فيه لا يدخل بطونهم شيء هو أشد في التحريم وأعظم في الإثم وأكبر في الجرم من الشراب المسكر ولذلك رأى الطلاق قد لزمه قيل له من أجل أنه رأى الربا أشد تحريما وأعظم إثما وأكبر جرما بدليل ما توعد الله به في الربا ولم يذكر في الخمر مثله فعلى هذا لو حلف أنه لا يدخل بطون العباد شيء أخبث من الربا لم يحنث.

قلت وقد كثر وقوع هذا المنكر الذي هو أخبث المناكر جهارا بين الناس بحيث لا يستخفي به أحد علمه أو جهله حتى أن زماننا هذا لهو الزمان الذي أخبر به الصادق الأمين صلعم من حديث أبي هريرة ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد فيه إلا أكل الربا فإن لم يأكله أصابه من تجارة فإنا لله وإنا إليه راجعون.

قال ابن المناصف في "تنبيه الحكام" فمنها من لا يكاد يخفى على أحد فلا يحتاج إلى التنبيه عليه كإعطاء درهم في اثنين والزيادة في دين على النظرة به واستعمال قبض بعض عن كل ما لم يحل وما أشبه ذلك من ظواهر الربا التي تعارفها الناس. ومنها دقائق تخفى على الأكثر ويقل مع ذلك وقوعها مثل أن يبيعه ثوبا بعشرة إلى شهر ثم يشتريه منه بثمانية نقدا أو إلى نصف شهر أو باثني عشر إلى شهرين وما أشبه هذا مما يطلع المتشوق منه على غرضه في مواضعه من كتب الفقهاء فليس هذا موضع ذكره.

ومنها ما هو في الحقيقة ظاهر معلوم وقد يخفى على آحاد من العوام وهو مما يكثر وقوعه فمنه ما يقع من بيع وصرف كما لو اشترى منه سلعة بخمسي دينار ورد عليه صرف الباقي

<<  <   >  >>