للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي سماع عيسى وسألته عن القوم من أهل الذمة يخرج رجالهم ويحاربون فيظفر بهم هل تستحل بذلك ذراريهم ونساؤهم، ومن يزعم من ضعفاء رجالهم أنه استكره ومن يرى أنه مغلوب على أمره، ولا يملك من أمره شيئا دخلوا أرض الحرب أو لم يدخلوا.

قال ابن القاسم: إن كان الإمام عدلا قوتلوا وقتلوا واستحلت نساؤهم وذراريهم وأولادهم المراهقون والأبكار تبعا لهم يستحلون ويسبون وهم من النساء والذرية، (وأما من يرى) أنه مغلوب على أمره وأنه لم يغن شيئا مثل الضعيف والشيخ الكبير، الزمن فلا أرى أن يستحلوا ولا يقتلوا ولا يسترقوا على حال قال: وإن نقضوا وقاتلوا وظهر على الذرية قبل أن يظهر عليهم استحلوا أيضا وسبوا، وكانوا كسبيل ما فسرت. وذلك إذا كان الإمام عدلا لم ينقموا منه شيئا، وإن نقضوا وخرجوا إلى دار الحرب وبقيت الذرية بين أظهر المسلمين لم تستحل الذرية، ولم يكن إلى الذرية سبيل بوجه من الوجوه، وإن تحملوا الذرية معهم فظفر بهم قبل أن يصلوا إلى دار الحرب فهم كلهم فيء بحال ما فسرت لك إذا كانوا قد نقضوا وامتنعوا وكان الإمام عدلا كما أخبرتك، وإن كان الإمام غير عدل ويقيمون شيئا يعرف به ما قاموا به لم يقاتلوا ولم يقتلوا.

قال: فإن ظهر عليهم في تلك الحال لم يستحلوا ولم يسترقوا ولا يسبى شيء من نسائهم ولا ذراريهم وتركوا على حالهم وذمتهم، وإن تحملوا إلى أرض الحرب بذريتهم ثم ظهر عليهم لم يستحل منهم شيء من الأشياء كما فسرت لك إذا كان الإمام غير عدل إلا أن يعينوا على المسلمين بعد دخولهم إلى العدو، ويقاتلوا مع العدو فيستحلون بفعلهم ذلك وليس بهم وبذراريهم عند ذلك سنة أهل الحرب لأنهم قد صاروا حينئذ حربا وعدوا.

قال ابن رشد رحه تع اتفق أصحاب مالك على إتباع قول مالك في أن أهل الذمة إذا نقضوا العهد ومنعوا الجزية، وخرجوا من غير عذر أنهم يصيرون حربا وعدوا ويسبون ويقتلون، إلا أشهب في المدونة فإنه قال لا يعود الحر إلى الرق وما اتفق عليه مالك وأصحابه أصح في النظر من قول أشهب، لأن الجزية لم تثبت لهم بعتاقة من رق متقدم فلا ينتقض وإنما تركوا على حالهم من الحرية التي كانوا عليها آمنين على أنفسهم ودمائهم بين أظهر المسلمين بما بذلوه من الجزية عن يد وهم صاغرون لقول الله عز وجل: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} الآية:

فإذا منعوا الجزية لم يصح لهم العوض وكان للمسلمين الرجوع فيه، وذلك أيضا كالصلح ينعقد بين أهل الحرب وبين المسلمين على شروط فإذا لم يوفوا

<<  <   >  >>