للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كنت حين قرأتم علي المسألة هممت ألا أتكلم فيه بشيء ثم تفكرت في ذلك فإذا أنا لا يسعني الصمت عنه اكتبوا إليهم يضربوا عنقه.

قال ابن القاسم قال مالك وإذا شتم المسلم النبي صلعم ضربت عنقه ولم يستتب قال وقال عيسى في الذي اغتاظ فقتل النصراني الذي شتم النبي أنه إن كان شتما يجب فيه القتل وثبت ذلك ببينة فلا شيء عليه وإن لم يثبت ذلك وشتم شتما لا يجب به عليه القتل فأرى عليه ديته ويضرب مائة ويسجن عاما.

قال ابن رشد رحه هذا كله بين لا إشكال فيه إذ لا اختلاف في أن من سب النبي عليه السلام أو عابه أو تنقصه بشيء من الأشياء يقتل ولا يستتاب مسلما كان أو ذميا إلا أن الذمي يسلم من قبل أن يقتل من غير أن يستتاب فلا يقتل لقول الله عز وجل: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}.

وقد روى ابن وهب عن مالك أنه قال: من قال إن زر النبي صلعم وسخ أراد به عيبه قتل. وروي عنه فيمن غير رجلا بالفقر فقال تعيرني بالفقر وقد رعى النبي صلعم الغنم إنه يؤدب لأنه عرض بذكر النبي صلعم في غير موضعه وروي أن عمر بن عبد العزيز قال لرجل انظر لنا كاتبا يكون أبوه عربيا فقال كاتب له قد كان أبو النبي كافرا فقال له جعلت هذا مثلا فعزله وقال لا تكتب له أبدا.

وهذا لأن الله عز وجل أمر بتعزيزه وتوقيره فمن ضرب به المثل في مثل هذا فقد خالف حد الله فيما أمر به من تعزيزه فوجب عليه في ذلك الأدب. وكذلك حكم سائر الأنبياء فيمن شتم أحدا منهم أو تنقصه لقول الله عز وجل: {لا نفرق بين أحد من رسله} وكذلك من شتم ملكا من الملائكة.

وحكم ميراث من قتل من المسلمين على سب النبي صلعم أو أحد من النبيين أو الملائكة حكم ميراث الزنديق يكون لورثته على قول مالك في رواية ابن القاسم عنه. ومذهب ابن القاسم لجماعة المسلمين على قوله في رواية ابن نافع عنه وهو اختيار ابن عبد الحكم وكذلك من شتم الله عز وجل من المعاهدين بغير ما تدين به وتؤخذ منه الجزية على أن يقر عليه فإنه يقتل ولا يستتاب لكنه إن أسلم قبل أن يقتل لم يقتل لقول الله عز وجل: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}.

<<  <   >  >>