للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المسلمين وأن عمر أمر أن تختم رقابهم بالرصاص هل عليهم حرج إن خالفوا في ذلك ولم يجعلوا من لباسهم ما يميزهم وهل ذلك مخصوص بذكورهم دون إناثهم أو هو شامل للإناث مع الذكور وهل في قوله إنهم لا يركبون على الآكاف إلا عرضا إباحة ذلك لهم في كل مركوب من الدواب أو مخصوص ببعض دون بعض.

قلت أما إذا تركوا سمة تميزهم عن المسلمين وأبقوا أنفسهم على الاختلاط معهم والتشبه بزيهم فإنهم يؤدبون على ذلك الأدب الموجع قاله في الجواهر وفي أحكام السوق في يهودي تشبه بزي المسلمين وأسقط حليته التي يعرف بها وهو يحمل ما يعصى به المسكر فليعاقب بالضرب والحبس ويطاف به في مواضع اليهود والنصارى ردعا لأمثاله وتحذيرا لهم بسبب ما حل به. وكتب ابن طالب على بعض قضاته أن يلزم اليهود والنصارى أن تكون زنانيرهم عريضة في وجه الثوب ليعرف بها فمن ركب النهي بعده ضرب عشرين سوطا مجردا ثم صير للحبس فإن عاد ضرب ضربا موجعا وبولغ وأطيل حبسه وبه قال يحيى بن عمر وأما كون نسائهم يلزمن شكلا يظهر معه تمييزهن عن المسلمات فليس للمتقدمين فيه نص.

وذكر في كتاب جامع الأحكام لزوم ذلك لهن أخذا مما وقع في العتبية عن عمر رضه أنه كان يضرب الإماء ويلزمهن كشف رؤوسهن لتمييزهن فإذا كان الأمر بالتأديب للإماء مع إسلامهن على عدم تمييزهن من الحرائر فكيف بالكوافر على المسلمات.

وسئل الإمام المازري عن تغيير حال اليهود بما يظهرون به عن المسلمين وهل يلزمهم القاضي بصيغ أطرافهم ولو لم يفعله القاضي هل لمن قام به من المسلمين ممن هو ظاهر حاله التستر والتصدق القيام بذلك فأجاب بل كون اليهود يكلفون تغيير أطرافهم واتخاذ علم يتميزون به فهذا مما فعل قديما وحديثا وفعل قديما في الأمصار الكبار وفيه تفصيل يطيل القول فيه هـ.

قال الشيخ البرزلي رحه فظاهر هذا أنه عام في الذكور والإناث والصواب إن كانت تكثر مخالطتهن لنساء المسلمين ويكثر خروجهن أن يلزمن ذلك وإلا فلا والعادة عندنا بتونس أن نساء النصارى يستترن كالمسلمات غالبا من غير علامة ومنهن من يلتزم زي النصارى. واليهوديات لهن علامة المشي بالقرق أو حافية. وعلامة الذكور من اليهود الشكلة الصفراء فوق الإحرام لا تحته لأنه قد يشكل إذا أعطا بظهره وأما النصارى فلهم زي على رؤوسهم يلزمونه وقد كان بعضهم تزي على رأسه بزي المسلمين فألزمهم السلطان زواله ويتزي بزيهم وزي النبط في البلاد المشرقية لبس العمائم السود الزرق والسامرية لبس العمائم الحمر.

<<  <   >  >>