للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لا عورة إلا السوءتين ولا يجوز الإنكار على من قلد بعض أقوال العلماء وما زال الناس يقلدون العلماء في مسائل الخلاف فلا ينكر عليهم فلا يجوز للشافعي أن ينكر على المالكي فيما يعتقد الشافعي تحريمه والمالكي تحليله وكذا سائر مذاهب العلماء هـ.

فقد قال ابن رشد لا يحل دخوله مستترًا مع غير مستتر وذلك جرحة فيه إن فعله. وقال عز الدين يجوز له الحضور إلا أنه ينكر بلسانه أو بقلبه ويكف بصره ما استطاع. وبين القولين تبيان لم يتضح معه فيهما جمع بتأويل فتأمله.

ما يفعل بمن دخل الحمام غير مستتر

قلت كل هذا القول وتسطير الفقه المنقول إنما هو في حكم الداخل للحمام في حق نفسه فما حكم ما يفعله مغير منكره وعلى فاعل ما لا يحل به من كشف العورة ونحوه فذلك الذي أنت بسبيله قلت حكم ما يفعله فيمن وجده مكشوف العورة فيه الأدب والإيلام بالقول والفعل وعلى قاعدة الآداب في تفاوتها فليس فعله ذلك مع ذي الهيئة وصاحب الفلتة كفعله مع المتكرر منه ذلك لعدم مبالاته بفضيحة نفسه وكذلك يجب تأديب المتقبل للحمام على إيقاع المنكر لديه كبيت الخمار ودور أهل الفسق إذ كشف العورة مثل ذلك وأشد.

ففي "أحكام السوق" كتب بعض قضاة ابن طالب إليه في حمام ابن الراسود ضاق أهل المرسى منه ورأوا فيه منكرا عظيما فكتب أحضر المتقبل للحمام ومره ألا يدخل إلا مريضة أو نفسا ولا يدخل الرجل إلا بمئزر فإن ركب النهي بعد هذا فاعقل الحمام وأدخل المتقبل السجن. قال يحي بن عمر ويعاقب من يدخل الحمام بغير مئزر عقوبة موجعة وتطرح شهادته حتى تعرف توبته. قال الشيخ في رسالته ولا يدخل الرجل الحمام إلا بمئزر.

قلت قوله يعقل عليه الحمام يعد ارتكابه ما نهي عنه هو مثل ما سلف من قول ابن القاسم في دار الفاسق الذي كان يأوي إليه الفساق. قال يخرج من منزله وتحاز عنه البيوت بعد التقدم إليه مرة أو مرتين فإن عاد أكري عليه.

<<  <   >  >>