للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

النشاط هذه المرة يضل في غيوم من الأفكار؛ فيجب أن نطبق في هذا الميدان ما يطبق في الحساب الجبري، ففي هذا النوع من الحساب نلحظ علاقة رياضية بين عدد المقادير المعلومة وعدد المجاهيل.

ففي الحالة التي يكون فيها عدد المقادير المعلومة أقل من عدد المجاهيل أو أكثر منه بنسبة معينة، يصبح في المسألة نوع من (الاستحالة) أو (عدم التحديد)، وبذلك لا يمكن حلها.

فكذلك الأمر بالنسبة لما نحن بصدده، إذ أن هناك قواعد رياضية للأفكار (١) تؤكد وجود علاقات محددة بين الأفكار وبين ضروب النشاط.

فإذا انعدمت هذه العلاقة بزيادة أو نقص، واجهتنا (استحالة) في أدائنا لأي نشاط.

وبعبارة أخرى يصاب النشاط بالشلل عندما يدير ظهره للفكرة، كما تصاب الفكرة بالشلل إذا ما انحرفت عن النشاط، لكي تمضي في طريق اللهو والعبث.

ونحن لا نستطيع بصفة عامة أن نتخذ عدد الكتب التي تخرجها المطبعة في عام دليلاً على الصحة العقلية في بلد معين، أو أن نعد الورم أمارة على الصحة البدنية، فهناك أورام عقلية وأجسام اجتماعية مريضة مثقلة بالأفكار.

ومهما يكن من شيء فإن توجيه الأفكار يقوم على إقرار التوازن الضروري في هذا المجال، حتى لا يبقى هناك فراغ أو تورم.

فمفتاح المشكلة يكمن في وضع برنامج لتوجيه الثقافة، توجيهاً يتفق وسمو الغاية التي ننشدها.


(١) خص المؤلف هذا الجانب بدراسة تحت عنوان (الصراع الفكري في البلاد المستعمرة).

<<  <   >  >>