للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرية وأجاز خاتمه.

ومن أحلام الملوك أيضًا رؤيا ابن بختنصر. وقد ذكرها ابن جرير في تفسيره في خبر طويل رواه عن سعيد بن جبير وفيه أن ابن بختنصر رأى كفًا خرجت بين لوحين ثم كتبت سطرين فدعا الكهان والعلماء فلم يجدوا لهم في ذلك علمًا فقالت له أمه: إنك لو أعدت إلى دانيال منزلته التي كانت له من أبيك أخبرك، وكان قد جفاه فدعاه فقال: إني معيد إليك منزلتك من أبي فأخبرني ما هذان السطران؟ فقال: أمَّا تعيد إليّ منزلتي من أبيك فلا حاجة لي بها، وأمَّا هذا السطران فإنك تقتل الليلة، فأخرج من في القصر أجمعين وأمر بقفله فأقفلت الأبواب عليه وأدخل معه آمَنَ أهل القرية في نفسه معه سيف فقال: من جاءك من خلق الله فاقتله وإن قال أنا فلان، وبعث الله عليه البطن فجعل يمشي حتى كان شطر الليل فرقد ورقد صاحبه ثم نبهه البطن فذهب يمشي والآخر نائم فرجع فاستيقظ به فقال له: أنا فلان فضربه بالسيف فقتله.

ومن أحلام الملوك أيضًا رؤيا ربيعة بن نصر اللخمي أحمد ملوك حِمْيَر التبابعة، قال ابن إسحاق: كان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التبابعة فرأى رؤيا هالته وفظع بها فلم يدع كاهنًا ولا ساحرًا ولا عائفًا ولا منجمًا من أهل مملكته إلا جمعه إليه فقال لهم: إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبروني بها وبتأويلها، فقالوا له: اقصصها علينا نخبرك بتأويلها، قال: إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها فإنه لا يعرف تأويلها إ لا من عرفها قبل أن أخبره بها، فقال له رجل منهم: فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سَطِيْح وشِقًّ (١) فإنه ليس أحد أعلم منهما فهما يخبرانه بما سأل عنه، فبعث إليهما فقدم عليه سَطِيْح قبل شِقًّ فقال له: إني قد رأيت رؤيا


(١) أما سَطيح فاسمه ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسان. قال ابن جرير: وكان يقال له الذئبي لنسبته إلى ذئب بن عدي، قلت: وهو الذي قال فيه الأعشى في شعره: «كما صدق الذئبي إذ سجعا» وذكر ابن عساكر في "تاريخه" أنه ولد في زمن سيل العرم وعاش إلى ملك ذي نواس، قلت: سيأتي في ذكر رؤيا الموبذان أنه عاش إلى أن وُلد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لم يكن شيء من بني آدم يشبه سطيحًا إنما كان لحمًا على وضم ليس فيه عظم ولا عصب إلا في رأسه وعنقه وكفيه وكان يطوى كما يطوى الثوب من رجليه إلى عنقه ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه، وقيل: إنه كان إذا غضب انتفخ وجلس. وذكر ابن طرار الجريري أنه عاش سبعمائة سنة، وقال غيره: خمسمائة سنة، وقيل: ثلاثمائة سنة. ذكر ذلك ابن كثير في "البداية والنهاية".
وأما شِق فهو ابن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قيس بن عبقر بن أنمار. قال السهيلي: كان شقٌّ شقَ إنسانٍ - فيما يذكرون- إنما له يد واحدة ورجل واحدة، وعين واحدة. قال: وذكر أبو الفرج أن خالد بن عبد لله القسري كان من ولد شق هذا. قلت: أبو الفرج هو المعافى بن زكريا بن طرار الجريري.

<<  <   >  >>