للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالزُّبَيْرِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يُحِلُّهَا إِذَا غَشِيَهَا سَيِّدُهَا غَشَيَانًا لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ مُخَادَعَةً وَلَا إِحْلَالًا، وَتَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا بِخِطْبَةٍ وَصَدَاقٍ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ" وَالسَّيِّدُ إِنَّمَا تَسَلَّطَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَهَذَا وَاضِحٌ. السَّابِعَةُ- فِي مُوَطَّإِ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ السيب وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلَا عَنْ رَجُلٍ زَوَّجَ عبد اله جَارِيَةً لَهُ فَطَلَّقَهَا الْعَبْدُ الْبَتَّةَ ثُمَّ وَهَبَهَا سَيِّدُهَا لَهُ هَلْ تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ؟ فَقَالَا: لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. الثَّامِنَةُ- رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ مَمْلُوكَةٌ فَاشْتَرَاهَا وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً، فَقَالَ: تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَبِتَّ طَلَاقَهَا، فَإِنْ بَتَّ طَلَاقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ يَمِينِهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةُ الْفَتْوَى: مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَالْحَسَنُ يَقُولُونَ: إِذَا اشْتَرَاهَا الَّذِي بَتَّ طَلَاقَهَا حَلَّتْ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:" أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ «١» ". قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَهَذَا خَطَأٌ مِنَ الْقَوْلِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ:" أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ" لَا يُبِيحُ الْأُمَّهَاتِ وَلَا الْأَخَوَاتِ، فَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ. التَّاسِعَةُ- إِذَا طَلَّقَ الْمُسْلِمُ زَوْجَتَهُ الذِّمِّيَّةَ ثَلَاثًا فَنَكَحَهَا ذِمِّيٌّ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الذِّمِّيُّ زَوْجٌ لَهَا، وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى الْأَوَّلِ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ [وَالزُّهْرِيُّ «٢»] وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ «٣» وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:" حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ" وَالنَّصْرَانِيُّ زَوْجٌ. وَقَالَ مَالِكٌ وَرَبِيعَةُ: لَا يُحِلُّهَا. الْعَاشِرَةُ- النِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَا يُحِلُّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ. مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبِي عُبَيْدٍ، كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: لَا تَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ إِلَّا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَكَانَ الْحَكَمُ يَقُولُ: هُوَ زَوْجٌ. قال ابن المنذر: ليس بزوج،


(١). راجع ج ٥ ص ٢٠.
(٢). الزيادة من ب وز.
(٣). في بعض الأصول:" ... وسفيان والثوري، بواو العطف".