للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي يَوْمٍ وَبَعْضِ الثَّانِي. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:" لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِرْضَاعَ الْحَوْلَيْنِ لَيْسَ حَتْمًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْفِطَامُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَلَكِنَّهُ تَحْدِيدٌ لِقَطْعِ «١» التَّنَازُعِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إِعْطَاءُ الْأُجْرَةِ لِأَكْثَرَ مِنْ حَوْلَيْنِ. وَإِنْ أَرَادَ الْأَبُ الْفَطْمَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ تَرْضَ الْأُمُّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْحَوْلَيْنِ أَوِ النُّقْصَانُ إِنَّمَا يَكُونُ «٢» عِنْدَ عَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالْمَوْلُودِ وَعِنْدَ رِضَا الْوَالِدَيْنِ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ" لِمَنْ أَرَادَ أَنْ تَتِمَّ الرَّضَاعَةُ" بِفَتْحِ التَّاءِ وَرَفْعِ" الرَّضَاعَةُ" عَلَى إِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَيْهَا. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَالْجَارُودُ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ بِكَسْرِ الرَّاءِ مِنَ" الرِّضَاعَةَ" وَهِيَ لُغَةٌ كَالْحَضَارَةِ وَالْحِضَارَةِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَرَأَ" الرَّضْعَةَ" عَلَى وَزْنِ الْفَعْلَةِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ" أَنْ يُكْمِلَ الرَّضَاعَةَ". النَّحَّاسُ: لَا يَعْرِفُ الْبَصْرِيُّونَ" الرَّضَاعَةَ" إِلَّا بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَلَا" الرِّضَاعَ" إِلَّا بِكَسْرِ الرَّاءِ، مِثْلَ الْقِتَالِ. وَحَكَى الْكُوفِيُّونَ كَسْرَ الرَّاءِ مَعَ الْهَاءِ وَفَتْحَهَا بِغَيْرِ هَاءٍ. الْخَامِسَةُ- انْتَزَعَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ تَابَعَهُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الرَّضَاعَةَ الْمُحَرِّمَةَ الْجَارِيَةَ مَجْرَى النَّسَبِ إِنَّمَا هِيَ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، لِأَنَّهُ بِانْقِضَاءِ الْحَوْلَيْنِ تَمَّتِ الرَّضَاعَةُ، وَلَا رَضَاعَةَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ مُعْتَبَرَةٌ. هَذَا قَوْلُهُ فِي مُوَطَّئِهِ، وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو ثور. وروى ابن عبد ال حكم عَنْهُ الْحَوْلَيْنِ وَزِيَادَةَ أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ. عَبْدُ الْمَلِكِ: كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: الرَّضَاعُ الْحَوْلَيْنِ وَالشَّهْرَيْنِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، وَحَكَى عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ مِنْ رَضَاعٍ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَهُوَ مِنَ الْحَوْلَيْنِ، وَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ عَبَثٌ. وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ إِلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ رَضَاعٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ" وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَلَّا حُكْمَ لِمَا ارْتَضَعَ الْمَوْلُودُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ. وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ «٣» ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يُسْنِدْهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ غَيْرُ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ.


(١). في ب: يقطع.
(٢). في ب، وز وهـ: إنما يجوز.
(٣). يؤيد هذا ما رواه ابن ماجة عنه عليه الصلاة والسلام" لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء".