للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذَا كَانَتْ مِلْكًا لِلْمُتَوَفَّى وَأَرَادَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ، فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِدَّةُ لِلْمَرْأَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالسُّكْنَى مِنَ الْغُرَمَاءِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ: الْبَيْعُ فَاسِدٌ، لِأَنَّهَا قَدْ تَرْتَابُ فَتَمْتَدُّ عِدَّتُهَا. وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ، وَالرِّيبَةَ نَادِرَةٌ وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي فَسَادِ الْعُقُودِ، فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ فِيهِ بِهَذَا الشَّرْطِ فَارْتَابَتْ، قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: هِيَ أَحَقُّ بِالْمَقَامِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الرِّيبَةُ، وَأَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ إِمْضَائِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْعِدَّةِ الْمُعْتَادَةِ، وَلَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ زَوَالِ الرِّيبَةِ كَانَ فَاسِدًا. وَقَالَ سَحْنُونُ: لَا حُجَّةَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ تَمَادَتِ الرِّيبَةُ إِلَى خَمْسِ سِنِينَ، لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْعِدَّةِ وَالْعِدَّةُ قَدْ تَكُونُ خَمْسَ سِنِينَ، وَنَحْوَ هَذَا رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ. السَّابِعَةُ- فَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ السُّكْنَى دُونَ الرَّقَبَةِ، فَلَهَا السُّكْنَى فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْفُرَيْعَةِ- وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ زَوْجَهَا لَا يَمْلِكُ رَقَبَةَ الْمَسْكَنِ-:" امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ". لَا يُقَالُ إِنَّ الْمَنْزِلَ كَانَ لَهَا، فَلِذَلِكَ قَالَ لَهَا:" امْكُثِي فِي بَيْتِكِ" فَإِنَّ مَعْمَرًا رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهَا ذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ، وَأَنَّهُ تَرَكَهَا فِي مَسْكَنٍ لَيْسَ لَهَا وَاسْتَأْذَنَتْهُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَلَنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ تَرَكَ دَارًا يَمْلِكُ سُكْنَاهَا مِلْكًا لَا تَبِعَةَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَلَزِمَ أَنْ تَعْتَدَّ الزَّوْجَةُ فِيهِ، أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا مَلَكَ رَقَبَتَهَا. الثَّامِنَةُ- وَهَذَا إِذَا كَانَ قَدْ أَدَّى الْكِرَاءَ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَمْ يُؤَدِّ الْكِرَاءَ فَالَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّهُ لَا سُكْنَى لَهَا فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، لِأَنَّ حَقَّهَا إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا يَمْلِكُهُ مِنَ السُّكْنَى مِلْكًا تَامًّا، وَمَا لَمْ يَنْقُدْ عِوَضَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ مِلْكًا تَامًّا، وَإِنَّمَا مَلَكَ الْعِوَضَ الَّذِي بِيَدِهِ، وَلَا حَقَّ فِي ذَلِكَ لِلزَّوْجَةِ إِلَّا بِالْمِيرَاثِ دُونَ السُّكْنَى، لِأَنَّ ذَلِكَ مَالٌ وَلَيْسَ بِسُكْنَى. وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لِلْمَيِّتِ فِي مَالِهِ. التَّاسِعَةُ- قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْفُرَيْعَةِ:" امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ" يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَمَرَهَا بِذَلِكَ لَمَّا كَانَ زَوْجُهَا قَدْ أَدَّى كِرَاءَ الْمَسْكَنِ، أَوْ كَانَ أُسْكِنَ فِيهِ