للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" إِنَّ اللَّهَ لَيَدْفَعُ بِالْمُؤْمِنَ الصَّالِحِ عَنْ مِائَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَجِيرَانِهِ الْبَلَاءَ". ثُمَّ قَرَأَ ابن عمر" وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ". وَقِيلَ: هَذَا الدَّفْعُ بِمَا شَرَعَ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ مِنَ الشَّرَائِعِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَتَسَالَبَ النَّاسُ وَتَنَاهَبُوا وَهَلَكُوا، وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ فَإِنَّهُ عُمُومٌ فِي الْكَفِّ وَالدَّفْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. (وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ). بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ دَفْعَهُ بِالْمُؤْمِنِينَ شَرَّ الْكَافِرِينَ فَضْلٌ مِنْهُ ونعمة.

[[سورة البقرة (٢): آية ٢٥٢]]

تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢)

(تِلْكَ) ابْتِدَاءٌ (آياتُ اللَّهِ) خَبَرُهُ، وَإِنْ شِئْتَ كَانَ بَدَلًا وَالْخَبَرُ (نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ). (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)، خَبَرُ إِنَّ أَيْ وَإِنَّكَ لَمُرْسَلٌ. نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ.

[[سورة البقرة (٢): آية ٢٥٣]]

تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (٢٥٣)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (تِلْكَ الرُّسُلُ) قَالَ:" تِلْكَ" وَلَمْ يَقُلْ: ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِتَأْنِيثِ لَفْظِ الْجَمَاعَةِ، وَهِيَ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ. وَ" الرُّسُلُ" نَعْتُهُ، وَخَبَرُ الِابْتِدَاءِ الْجُمْلَةُ. وَقِيلَ: الرُّسُلُ عَطْفُ بَيَانٍ، وَ (فَضَّلْنا) الْخَبَرُ. وَهَذِهِ آيَةٌ مُشْكِلَةٌ وَالْأَحَادِيثُ ثَابِتَةٌ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ" وَ" لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ" رَوَاهَا الْأَئِمَّةُ الثِّقَاتُ، أَيْ لَا تَقُولُوا: فُلَانٌ خَيْرٌ مِنْ فُلَانٍ، وَلَا فُلَانٌ أَفْضَلُ مِنْ فُلَانٍ. يُقَالُ: خَيَّرَ فُلَانٌ بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَفَضَّلَ،