للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَاتَ قَرَارٍ وَمَعِينٍ. وَالْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ الرَّبْوَةَ مَا ارْتَفَعَ عَمَّا جَاوَرَهُ سَوَاءٌ جَرَى فِيهَا مَاءٌ أَوْ لَمْ يَجْرِ. وَفِيهَا خَمْسُ لُغَاتٍ" رُبْوَةٌ" بِضَمِّ الرَّاءِ، وَبِهَا قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو. و" بِرَبْوَةٍ" بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَبِهَا قَرَأَ عَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْحَسَنُ." وَرِبْوَةٌ" بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَبِهَا قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَ" رَبَاوَةٌ" بِالْفَتْحِ، وَبِهَا قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:

مَنْ مُنْزِلِي فِي رَوْضَةٍ بِرَبَاوَةٍ ... بَيْنَ النَّخِيلِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ

وَ" رِبَاوَةٌ" بِالْكَسْرِ، وَبِهَا قَرَأَ الْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَيُقَالُ بِرَبَاوَةٍ وَبِرِبَاوَةٍ، وَكُلُّهُ مِنَ الرَّابِيَةِ، وَفِعْلُهُ رَبَا يَرْبُو. قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَصابَها) يَعْنِي الرَّبْوَةَ (وابِلٌ) أي مطر شديد، قال الشاعر «١»:

مَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْحَزْنِ مُعْشِبَةٌ ... خَضْرَاءُ جَادَ عَلَيْهَا وَابِلٌ هَطِلُ

(فَآتَتْ) أَيْ أَعْطَتْ. (أُكُلَها) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ: الثَّمَرُ الَّذِي يُؤْكَلُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ «٢» ". وَالشَّيْءُ المأكول من كل شي يُقَالُ لَهُ أُكُلٌ. وَالْأُكْلَةُ: اللُّقْمَةُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:" فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا «٣» قَلِيلًا فَلْيَضَعْ «٤» فِي يَدِهِ مِنْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ" يَعْنِي لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. وَإِضَافَتُهُ إِلَى الْجَنَّةِ إِضَافَةُ اخْتِصَاصٍ، كَسَرْجِ الْفَرَسِ وَبَابِ الدَّارِ. وَإِلَّا فَلَيْسَ الثَّمَرُ مِمَّا تَأْكُلُهُ الْجَنَّةُ. وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو" أُكْلُهَا" بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مُضَافٍ [إِلَى «٥»] مُؤَنَّثٍ، وَفَارَقَهُمَا أَبُو عَمْرٍو فِيمَا أُضِيفَ إِلَى مُذَكَّرٍ مِثْلَ أُكُلِهِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُضَافٍ إِلَى شي مِثْلَ" أُكُلٍ خَمْطٍ «٦» " فَثَقَّلَ أَبُو عَمْرٍو ذَلِكَ وخففاه. وقرا عاصم


(١). هو أعشى ميمون: الذي في ديوانه والطبري واللسان والتاج في (حزن): مسبل هطل. [ ..... ]
(٢). راجع ج ٩ ص ٣٥٨.
(٣). المشفوه: القليل، وأصله الماء الذي كثرت عليه الشفاه حتى قل. وقيل: أراد فإن كان مكثورا عليه، أي كثرت أكلته. النهاية.
(٤). في الأصول:" فليطعمه منه ... " والتصويب عن صحيح مسلم.
(٥). الزيادة من أبن عطية لازمة.
(٦). راجع ج ١٤ ص ٢٨٥