للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ) فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّ الْهُدَى إِلَى الْخَيْرِ وَالدِّلَالَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِيَدِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُؤْتِيهِ أَنْبِيَاءَهُ، فَلَا تُنْكِرُوا «١» أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ سِوَاكُمْ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ، فَإِنْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ فَقُلْ لَهُمْ:" إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ". وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ الَّذِي آتَاهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ التَّصْدِيقِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا غَيْرِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْإِشَارَاتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: لَا تُعَاشِرُوا إِلَّا مَنْ يُوَافِقُكُمْ عَلَى أَحْوَالِكُمْ وَطَرِيقَتِكُمْ فَإِنَّ مَنْ لَا يُوَافِقُكُمْ لا يرافقكم. والله أعلم.

[[سورة آل عمران (٣): آية ٧٤]]

يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤)

أَيْ بِنُبُوَّتِهِ وَهِدَايَتِهِ، عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا. ابْنُ جُرَيْجٍ: بِالْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ" مَنْ يَشاءُ". قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: أَجْمَلَ الْقَوْلَ لِيَبْقَى مَعَهُ رَجَاءُ الرَّاجِي وَخَوْفُ الْخَائِفِ، (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ العظيم).

[[سورة آل عمران (٣): آية ٧٥]]

وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)

فِيهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) مِثْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ. (وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) وَهُوَ فِنْحَاصُ بْنُ عَازُورَاءَ الْيَهُودِيُّ، أَوْدَعَهُ رَجُلٌ دِينَارًا فَخَانَهُ. وَقِيلَ: كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابُهُ. وَقَرَأَ ابْنُ وَثَّابٍ وَالْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ" مَنْ إِنْ تِيْمَنْهُ" عَلَى لُغَةِ مَنْ قَرَأَ" نِسْتَعِينُ" وَهِيَ لُغَةُ بَكْرٍ وَتَمِيمٍ. وَفِي حَرْفِ عَبْدِ الله" مالك لَا تَيْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ" وَالْبَاقُونَ بِالْأَلِفِ. وَقَرَأَ نافع والكسائي" يؤدهي" بِيَاءٍ فِي الْإِدْرَاجِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَاتَّفَقَ أَبُو عَمْرٍو وَالْأَعْمَشُ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ فِي رِوَايَةِ أبي بكر


(١). هذا نهى، وفي ح، ود: فلا تنكرون. على الخبر.