للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّحْمَةُ فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ رِبْقَةُ الْإِسْلَامِ (. وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَةِ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:) أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا نحن مَنْ خَانَكَ (. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْخَامِسَةُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَعْدِيلٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا لِبَعْضِهِمْ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ فُسَّاقَ الْمُسْلِمِينَ يُوجَدُ فِيهِمْ مَنْ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ وَيُؤْمَنُ عَلَى الْمَالِ الْكَثِيرِ وَلَا يَكُونُونَ بِذَلِكَ عُدُولًا. فَطَرِيقُ الْعَدَالَةِ وَالشَّهَادَةِ لَيْسَ يُجْزِئُ فِيهِ أَدَاءُ الْأَمَانَةِ فِي الْمَالِ مِنْ جِهَةِ الْمُعَامَلَةِ وَالْوَدِيعَةِ، أَلَا تَرَى قَوْلَهُمْ:" لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ" [آل عمران: ٧٥] فَكَيْفَ يُعَدَّلُ مَنْ يَعْتَقِدُ اسْتِبَاحَةَ أَمْوَالِنَا وَحَرِيمِنَا بِغَيْرِ حَرَجِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي تَعْدِيلِهِمْ لَسُمِعَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا) يَعْنِي الْيَهُودَ (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) قِيلَ: إِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا بَايَعُوا الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ: لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ- أَيْ حَرَجٌ فِي ظُلْمِهِمْ- لِمُخَالَفَتِهِمْ إِيَّانَا. وَادَّعَوْا أَنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِمْ، فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ فَقَالَ:" بَلى " أَيْ بَلَى عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ الْعَذَابِ بِكَذِبِهِمْ وَاسْتِحْلَالِهِمْ أَمْوَالَ الْعَرَبِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ: وَتَمَّ الْكَلَامُ. ثُمَّ قَالَ:" مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى " [آل عمران: ٧٦]. وَيُقَالُ: إِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا قَدِ اسْتَدَانُوا مِنَ الْأَعْرَابِ أَمْوَالًا فَلَمَّا أَسْلَمَ أَرْبَابُ الْحُقُوقِ قَالَتِ اليهود: ليس لكم علينا شي، لِأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ دِينَكُمْ فَسَقَطَ عَنَّا دَيْنُكُمْ. وَادَّعَوْا أَنَّهُ حُكْمُ التَّوْرَاةِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" بَلى " رَدًّا لِقَوْلِهِمْ" لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ". أَيْ لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ:" مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى " الشِّرْكَ فَلَيْسَ مِنَ الْكَاذِبِينَ بَلْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. السَّابِعَةُ- قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّا نُصِيبُ فِي الْعَمْدِ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الدَّجَاجَةَ وَالشَّاةَ وَنَقُولُ: لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ بَأْسٌ. فَقَالَ لَهُ: هَذَا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ" لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ" إِنَّهُمْ إِذَا أَدَّوُا الْجِزْيَةَ لَمْ تَحِلَّ لَكُمْ أَمْوَالُهُمْ إِلَّا عَنْ طِيبِ