للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي الرابعة- على اتخاذ [الشارة و] «١» العلامة لِلْقَبَائِلِ وَالْكَتَائِبِ يَجْعَلُهَا السُّلْطَانُ لَهُمْ، لِتَتَمَيَّزَ كُلُّ قَبِيلَةٍ وَكَتِيبَةٍ مِنْ غَيْرِهَا عِنْدَ الْحَرْبِ، وَعَلَى فَضْلِ الْخَيْلِ الْبُلْقِ لِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهَا. قُلْتُ:- وَلَعَلَّهَا نَزَلَتْ عَلَيْهَا مُوَافَقَةً لِفَرَسِ الْمِقْدَادِ، فَإِنَّهُ كَانَ أَبْلَقَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فَرَسٌ غَيْرُهُ، فَنَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى الْخَيْلِ الْبُلْقِ إِكْرَامًا لِلْمِقْدَادِ، كَمَا نَزَلَ جِبْرِيلُ مُعْتَجِرًا «٢» بِعِمَامَةٍ صَفْرَاءَ عَلَى مِثَالِ الزُّبَيْرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَدَلَّتِ الْآيَةُ أَيْضًا- وَهِيَ الْخَامِسَةُ- عَلَى لِبَاسِ الصُّوفِ وَقَدْ لَبِسَهُ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ لِي أَبِي: لَوْ شَهِدْتَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَتْنَا السَّمَاءُ لَحَسِبْتَ أَنَّ رِيحَنَا رِيحُ الضَّأْنِ. وَلَبِسَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةً رُومِيَّةً مِنْ صُوفٍ ضَيِّقَةِ الْكُمَّيْنِ، رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ. وَلَبِسَهَا يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَسَيَأْتِي لِهَذَا الْمَعْنَى مَزِيدُ بَيَانٍ فِي" النَّحْلِ" «٣» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. السَّادِسَةُ- قُلْتُ: وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مُجَاهِدٌ مِنْ أَنَّ خَيْلَهُمْ كَانَتْ مَجْزُوزَةَ الأذناب والأعراف فبعد، فَإِنَّ فِي مُصَنَّفِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا تَقُصُّوا نَوَاصِيَ الْخَيْلِ وَلَا مَعَارِفَهَا وَلَا أَذْنَابَهَا فَإِنَّ أَذْنَابَهَا مَذَابُّهَا وَمَعَارِفَهَا دِفَاؤُهَا وَنَوَاصِيَهَا مَعْقُودٌ فِيهَا الخير (. فيقول مُجَاهِدٍ يَحْتَاجُ إِلَى تَوْقِيفٍ مِنْ أَنَّ خَيْلَ الْمَلَائِكَةِ كَانَتْ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى حُسْنِ الْأَبْيَضِ وَالْأَصْفَرِ مِنَ الْأَلْوَانِ لِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ بِذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ لَبِسَ نَعْلًا أَصْفَرَ قُضِيَتْ حَاجَتُهُ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهِ مَوْتَاكُمْ وَأَمَّا الْعَمَائِمُ فَتِيجَانُ الْعَرَبِ وَلِبَاسُهَا (. وَرَوَى رُكَانَةُ- وَكَانَ صَارَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ رُكَانَةُ: وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ «٤»: إِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ سَمَاعُ بَعْضِهِ مِنْ بعض.


(١). من دوفى هـ: الإشارة، والشارة: الهيئة.
(٢). الاعتجار بالعمامة: هو أن يلفها على رأسه ويرد طرفها على وجه ولا يعمل منها شيئا تحت ذقته، وفى ب: معتما.
(٣). ج ١٠ ص ١٥٤.
(٤). كذا في د وهـ وب. وفى أوح: النحاس.