للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، أَوْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ وَلِيٌّ لَهَا هُوَ أَقْعَدُ «١» بِهَا مِنْهُ، أَوْ مِثْلُهُ فِي الْقَعْدُدِ، «٢» وَأَمَّا أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ بِنَفْسِهِ فَيَكُونُ نَاكِحًا مُنْكِحًا فَلَا. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْوِلَايَةَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْعَقْدِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ). فَتَعْدِيدُ النَّاكِحِ وَالْمُنْكِحِ وَالشُّهُودِ وَاجِبٌ، فَإِذَا اتَّحَدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ سَقَطَ وَاحِدٌ مِنَ الْمَذْكُورِينَ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنْ تَجْعَلَ أَمْرَهَا إِلَى رَجُلٍ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ. رُوِيَ هَذَا عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) مَعْنَاهُ مَا حَلَّ لَكُمْ، عَنِ الْحَسَنِ وابن جبير وغيرهما. واكتفى بزمن يَجُوزُ نِكَاحُهُ، لِأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ كَثِيرٌ. وَقَرَأَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَالْجَحْدَرِيُّ وَحَمْزَةُ (طَابَ) (بِالْإِمَالَةِ) وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ (طِيبَ) بِالْيَاءِ، فَهَذَا دَلِيلُ الْإِمَالَةِ. (مِنَ النِّساءِ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ نِسَاءٌ إِلَّا لِمَنْ بَلَغَ الْحُلُمَ. وَوَاحِدُ النِّسَاءِ نِسْوَةٌ، وَلَا وَاحِدَ لِنِسْوَةٍ مِنْ لَفْظِهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ امْرَأَةٌ. السَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) وَمَوْضِعُهَا مِنَ الْإِعْرَابِ نَصْبٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ (مَا) وَهِيَ نَكِرَةٌ لَا تَنْصَرِفُ، لِأَنَّهَا مَعْدُولَةٌ وَصِفَةٌ، كَذَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: هِيَ مَعَارِفُ، لِأَنَّهَا لَا يَدْخُلُهَا الْأَلِفُ وَاللَّامُ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ عُمَرَ فِي التَّعْرِيفِ، قَالَهُ الْكُوفِيُّ. وَخَطَّأَ الزَّجَّاجُ هَذَا الْقَوْلَ. وَقِيلَ «٣»: لَمْ يَنْصَرِفْ، لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ عَنْ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، فَأُحَادُ مَعْدُولٌ عَنْ وَاحِدٍ وَاحِدٍ، وَمَثْنَى مَعْدُولَةٌ عَنِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَثُلَاثُ مَعْدُولَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ ثَلَاثَةٍ، وَرُبَاعُ عَنْ أَرْبَعَةٍ أَرْبَعَةٍ. وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا لُغَتَانِ: فُعَالُ وَمَفْعَلُ، يُقَالُ أُحَادُ وَمَوْحَدُ وَثُنَاءُ وَمَثْنَى وَثُلَاثُ وَمَثْلَثُ وَرُبَاعُ وَمَرْبَعُ، وَكَذَلِكَ إِلَى مَعْشَرَ وَعُشَارَ. وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ لُغَةً ثَالِثَةً: أُحَدُ وَثُنَى وَثُلَثُ وَرُبَعُ مِثْلَ عُمَرُ وَزُفَرُ. وَكَذَلِكَ قَرَأَ النَّخَعِيُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَحَكَى الْمَهْدَوِيُّ عَنِ النَّخَعِيِّ وَابْنِ وَثَّابٍ (ثُلَاثَ وَرُبَعَ) بِغَيْرِ أَلِفٍ فِي رُبَعَ فَهُوَ مَقْصُورٌ مِنْ رُبَاعَ اسْتِخْفَافًا، كَمَا قَالَ:


(١). اقعد: اقرب إلى الحد الأكبر.
(٢). القعدد (بضم القاف وفتح الدال وضمها) أملك القرابة في النسب.
(٣). في أ: قال.