للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ «١» (وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَحْجُورًا سَفِيهًا أَوْ يَطْرَأُ ذَلِكَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِطْلَاقِ. الْعَاشِرَةُ- وَيَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْنَعَ فِي مال اليتيم ما كان للأب أن يصنعه مِنْ «٢» تِجَارَةٍ وَإِبْضَاعٍ وَشِرَاءٍ وَبَيْعٍ. وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ: عَيْنٍ وَحَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ وَفِطْرَةٍ. وَيُؤَدِّي عَنْهُ أُرُوشَ الْجِنَايَاتِ وَقِيَمَ الْمُتْلَفَاتِ، وَنَفَقَةَ الْوَالِدَيْنِ وَسَائِرَ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَيُؤَدِّيَ عَنْهُ الصَّدَاقَ، وَيَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً يَتَسَرَّرُهَا، وَيُصَالِحُ لَهُ وَعَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُ. وَإِذَا قَضَى الْوَصِيُّ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ وَبَقِيَ مِنَ الْمَالِ بَقِيَّةٌ تَفِي مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ كَانَ فِعْلُ الْوَصِيِّ جَائِزًا. فَإِنْ تلف باقي المال فلا شي لِبَاقِي الْغُرَمَاءِ عَلَى الْوَصِيِّ وَلَا عَلَى الَّذِينَ اقْتَضَوْا. وَإِنِ اقْتَضَى الْغُرَمَاءُ جَمِيعَ الْمَالِ ثُمَّ أَتَى غُرَمَاءُ آخَرُونَ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالدَّيْنِ الْبَاقِي أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ الْبَاقِي ضَمِنَ الْوَصِيُّ لِهَؤُلَاءِ الْغُرَمَاءِ مَا كَانَ يُصِيبُهُمْ فِي الْمُحَاصَّةِ، وَرَجَعَ عَلَى الَّذِينَ اقْتَضَوْا دَيْنَهُمْ بِذَلِكَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا [بِذَلِكَ «٣»]، وَلَا كان الميت معروفا بالدين فلا شي عَلَى الْوَصِيِّ. وَإِذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ ضَمِنَ. وَأَمَّا إِنْ أَشْهَدَ وَطَالَ الزمان حتى مات الشهود فلا شي عَلَيْهِ. وَقَدْ مَضَى فِي الْبَقَرَةِ «٤» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) مِنْ أَحْكَامِ الْوَصِيِّ فِي الْإِنْفَاقِ وَغَيْرِهِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. الْحَادِيَةُ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا) لَيْسَ يُرِيدُ أَنَّ أَكْلَ مَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ جَائِزٌ، فَيَكُونُ لَهُ دَلِيلُ خِطَابٍ، بَلِ الْمُرَادُ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ فَإِنَّهُ إِسْرَافٌ. فَنَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأَوْصِيَاءَ عَنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى بِغَيْرِ الْوَاجِبِ الْمُبَاحِ لَهُمْ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. وَالْإِسْرَافُ فِي اللُّغَةِ الْإِفْرَاطُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آلِ عِمْرَانَ «٥» وَالسَّرَفُ الْخَطَأُ فِي الْإِنْفَاقِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ «٦»:

أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةً ... مَا فِي عَطَائِهِمْ من ولا سرف


(١). راجع ج ٣ ص ٣٧٦.
(٢). في ج: في تجارة أو بضاعة.
(٣). من ج.
(٤). راجع ج ٣ ص ٦٥.
(٥). راجع ج ٤ ص ٢٣١.
(٦). البيت لجرير يمدح بنى أمية، وهنيدة: اسم لكل مائة من الإبل.