للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَذَّلِ أَبُو الْفَضْلِ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ فَأَحْسَنَ:

الْتَمِسِ الْأَرْزَاقَ عِنْدَ الَّذِي ... مَا دُونَهُ إِنْ سِيلَ مِنْ حَاجِبِ

مَنْ يُبْغِضُ التَّارِكَ تَسْآلَهُ ... جُودًا وَمَنْ يَرْضَى عَنِ الطَّالِبِ

وَمَنْ إِذَا قَالَ جَرَى قَوْلُهُ ... بِغَيْرِ تَوْقِيعٍ إِلَى كَاتِبِ

وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْقَوْلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ (قَمْعِ الْحِرْصِ بِالزُّهْدِ وَالْقَنَاعَةِ). وقال سعيد ابن جبير: (وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) الْعِبَادَةَ، لَيْسَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا. وَقِيلَ: سَلُوهُ التَّوْفِيقَ لِلْعَمَلِ بِمَا يُرْضِيهِ. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: سَلُوا رَبَّكُمْ حَتَّى الشِّبَعِ، فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَتَيَسَّرْ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَأْمُرْ بِالسُّؤَالِ إِلَّا لِيُعْطِيَ. وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ: (وَسَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ" بِغَيْرِ هَمْزٍ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ. الْبَاقُونَ بِالْهَمْزِ.) وَاسْأَلُوا اللَّهَ (. وَأَصْلُهُ بِالْهَمْزِ إِلَّا أنه حذفت الهمزة للتخفيف. والله أعلم.

[[سورة النساء (٤): آية ٣٣]]

وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٣٣)

فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ وَرَثَةً وَمَوَالِيَ، فَلْيَنْتَفِعْ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَلَا يَتَمَنَّ مَالَ غَيْرِهِ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ «١» أَيْمَانُكُمْ) قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْأَنْصَارِيُّ الْمُهَاجِرِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ، لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ) قَالَ: نَسَخَتْهَا (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ). قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ: وَقَعَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ) قَالَ: نَسَخَتْهَا (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ). وَالصَّوَابُ أَنَّ الْآيَةَ النَّاسِخَةَ (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ) وَالْمَنْسُوخَةَ (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ)، وكذا رواه الطبري في روايته.


(١). (عاقدت) قراءة نافع كما هو رسم الأصول، وستأتي قراءة غيره.