للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِيهِ. وَالْمُتَفَلِّجَاتُ جَمْعُ مُتَفَلِّجَةٍ، وَهِيَ الَّتِي تَفْعَلُ الْفَلَجَ فِي أَسْنَانِهَا، أَيْ تُعَانِيهِ حَتَّى تَرْجِعَ الْمُصْمَتَةُ الْأَسْنَانَ خِلْقَةً فَلْجَاءَ صَنْعَةً. وَفِي غَيْرِ كِتَابِ مُسْلِمٍ: (الْوَاشِرَاتُ)، وَهِيَ جَمْعُ وَاشِرَةٍ، وَهِيَ الَّتِي تَشِرُ أَسْنَانَهَا، أَيْ تَصْنَعُ فِيهَا أَشْرًا، وَهِيَ التَّحْزِيزَاتُ الَّتِي تَكُونُ فِي أَسْنَانِ الشُّبَّانِ «١»، تَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ تَشَبُّهًا بِالشَّابَّةِ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا قَدْ شَهِدَتِ الْأَحَادِيثُ بِلَعْنِ فَاعِلِهَا وَأَنَّهَا مِنَ الْكَبَائِرِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي نُهِيَ لِأَجْلِهَا، فَقِيلَ: لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التَّدْلِيسِ. وَقِيلَ: مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَهُوَ أَصَحُّ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ. ثُمَّ قِيلَ: هَذَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَكُونُ بَاقِيًا، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَمَّا مالا يَكُونُ بَاقِيًا كَالْكُحْلِ وَالتَّزَيُّنِ بِهِ لِلنِّسَاءِ فَقَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ لِلرِّجَالِ. وَأَجَازَ مَالِكٌ أَيْضًا أَنْ تَشِيَ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا بِالْحِنَّاءِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ إِنْكَارُ ذَلِكَ وَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَخْضِبَ يَدَيْهَا كُلَّهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَ، وَأَنْكَرَ مَالِكٌ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ، وَلَا تَدَعُ الْخِضَابَ بِالْحِنَّاءِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً لَا تختضب فقال: (لا تدع أحدا كن يَدَهَا كَأَنَّهَا يَدُ رَجُلٍ) فَمَا زَالَتْ تَخْتَضِبُ وَقَدْ جَاوَزَتِ التِّسْعِينَ حَتَّى مَاتَتْ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَجَاءَ حَدِيثٌ بِالنَّهْيِ عَنْ تَسْوِيدِ الْحِنَّاءِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ وَلَا تَتَعَطَّلُ، وَيَكُونُ فِي عُنُقِهَا قِلَادَةٌ مِنْ سَيْرٍ فِي خَرَزٍ، فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ [رَضِيَ «٢» اللَّهُ عَنْهَا]: (إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونِي بِغَيْرِ قِلَادَةٍ إِمَّا بِخَيْطٍ وَإِمَّا بِسَيْرٍ. وَقَالَ أَنَسٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّقَ فِي عُنُقِهَا فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ سَيْرًا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تغيير شي مِنْ خَلْقِهَا الَّذِي خَلَقَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، الْتِمَاسَ الْحُسْنِ لِزَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءً فَلَجَتْ أَسْنَانَهَا أَوْ وَشَرَتْهَا، أَوْ كَانَ لَهَا سِنٌّ زَائِدَةٌ فَأَزَالَتْهَا أَوْ أَسْنَانٌ طِوَالٌ فَقَطَعَتْ أَطْرَافَهَا. وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهَا حَلْقُ لِحْيَةٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ عَنْفَقَةٍ إِنْ نَبَتَتْ لَهَا، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَغْيِيرُ خَلْقِ اللَّهِ. قَالَ عِيَاضٌ: وَيَأْتِي عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنَّ مَنْ خُلِقَ بِأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ أَوْ عُضْوٍ زَائِدٍ لَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهُ وَلَا نَزْعُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، إِلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الزَّوَائِدُ تُؤْلِمُهُ فَلَا بَأْسَ بِنَزْعِهَا عند أبي جعفر وغيره.


(١). في ج: الشباب.
(٢). من ج وط.