للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكَاهِنَ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ حُكَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الشُّيُوعُ وَالْجِنْسُ، إِذْ لَا يُرَادُ بِهِ حَاكِمٌ بِعَيْنِهِ، وَجَازَ وُقُوعُ الْمُضَافِ جِنْسًا كَمَا جَازَ فِي قَوْلِهِمْ: مَنَعَتْ مِصْرُ «١» إِرْدَبَّهَا، وَشِبْهِهِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ" تَبْغُونَ" بِالتَّاءِ، الْبَاقُونَ بالياء. وقوله تَعَالَى: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) هَذَا اسْتِفْهَامٌ عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ بِمَعْنَى: لا أحد أحسن، فهذا ابتداء وخبر. و" حُكْماً" نُصِبَ عَلَى الْبَيَانِ. [لِقَوْلِهِ] «٢» " لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" أَيْ عند قوم يوقنون.

[[سورة المائدة (٥): آية ٥١]]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١)

فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى-" الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ" مَفْعُولَانِ لِ [تَتَّخِذُوا] «٣»، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَطْعِ الْمُوَالَاةِ شَرْعًا، وَقَدْ مَضَى فِي" آلِ عِمْرَانَ" «٤» بَيَانُ ذَلِكَ. ثُمَّ قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْمُنَافِقُونَ، الْمَعْنَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِظَاهِرِهِمْ، وَكَانُوا يُوَالُونَ الْمُشْرِكِينَ وَيُخْبِرُونَهُمْ بِأَسْرَارِ الْمُسْلِمِينَ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ. قَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ يَوْمِ أُحُدٍ حِينَ خَافَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى هَمَّ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَنْ يُوَالُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، فَتَبَرَّأَ عُبَادَةُ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [«٥» مِنْ مُوَالَاةِ الْيَهُودِ، وَتَمَسَّكَ بِهَا ابْنُ أُبَيٍّ وَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَدُورَ الدَّوَائِرُ. (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ الشَّرْعِ الْمُوَالَاةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يتوارث اليهود والنصارى بعضهم من بعض.


(١). الإردب مكيال معروف لأهل مصر، وفي الحديث"؟؟؟؟ العراق درهمها وقفيزها ومنعت مصر إردبها وعدتم من حيث بدأتم". (اللسان).
(٢). من ك وع.
(٣). من ك وع.
(٤). راجع ج ٤ ص ١٨٨.
(٥). من ع.