للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَسِبْتُ الشَّيْءَ أَحْسُبُهُ حُسْبَانًا وَحِسَابًا وَحِسْبَةً، وَالْحِسَابُ الِاسْمُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى سَيْرَ الشَّمْسِ. وَالْقَمَرِ بِحِسَابٍ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، فَدَلَّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ عَلَى قُدْرَتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ. وَقِيلَ:" حُسْباناً" أَيْ ضِيَاءً. وَالْحُسْبَانُ: النَّارُ فِي لُغَةٍ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ «١» ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نارا. والحسبانة: الوسادة الصغيرة.

[[سورة الأنعام (٦): آية ٩٧]]

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ «٢») بَيَّنَ كَمَالَ قُدْرَتِهِ، وَفِي النُّجُومِ مَنَافِعُ جَمَّةٌ. ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَعْضَ مَنَافِعِهَا، وَهِيَ الَّتِي نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَى مَعْرِفَتِهَا، وَفِي التَّنْزِيلِ:" وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ «٣» "." وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ «٤» ". و" جَعَلَ" هُنَا بِمَعْنَى خَلَقَ. (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) أَيْ بَيَّنَّاهَا مُفَصَّلَةً لِتَكُونَ أَبْلَغَ فِي الِاعْتِبَارِ. (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)

خصهم لأنهم المنتفعون «٥» بها.

[[سورة الأنعام (٦): آية ٩٨]]

وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) يُرِيدُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ «٦». (فَمُسْتَقَرٌّ) قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو وَعِيسَى وَالْأَعْرَجُ وَشَيْبَةُ وَالنَّخَعِيُّ بِكَسْرِ الْقَافِ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا. وَهِيَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، إِلَّا أَنَّ التَّقْدِيرَ فيمن كَسَرَ الْقَافَ فَمِنْهَا" مُسْتَقِرُّ" وَالْفَتْحُ بِمَعْنَى لَهَا" مُسْتَقَرٌّ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: فَلَهَا مُسْتَقَرٌّ فِي الرَّحِمِ وَمُسْتَوْدَعٌ فِي الْأَرْضِ الَّتِي تَمُوتُ فِيهَا، وَهَذَا التَّفْسِيرُ يَدُلُّ عَلَى الْفَتْحِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: فَمُسْتَقَرٌّ فِي الْقَبْرِ. وَأَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ يَقُولُونَ: الْمُسْتَقَرُّ مَا كَانَ فِي الرَّحِمِ، والمستودع


(١). راجع ج ١٠ ص ٤٠٨.
(٢). في ك: من كمال قدرته.
(٣). راجع ج ١٥ ص ٦٤.
(٤). راجع ج ١٨ ص ٢١٠.
(٥). في ك: بذلك.
(٦). راجع ج ٦ ص ٣٨٧. [ ..... ]