للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْهَوَاءِ إِلَيْهِ فَيُرْطَبُ مُعَجَّلًا. فَلَيْسَ ذَلِكَ الْيَنْعَ الْمُرَادَ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا هُوَ الَّذِي رَبَطَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

الْبَيْعَ، وَإِنَّمَا (هُوَ «٢» مَا يَكُونُ مِنْ ذَاتِهِ بِغَيْرِ مُحَاوَلَةٍ. وَفِي بَعْضِ بِلَادِ التِّينِ، وَهِيَ الْبِلَادُ الْبَارِدَةُ، لَا يَنْضَجُ حَتَّى يُدْخَلَ فِي فَمِهِ عُودٌ قَدْ دُهِنَ زَيْتًا، فَإِذَا طَابَ حَلَّ بَيْعُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرُورَةُ الْهَوَاءِ وَعَادَةُ الْبِلَادِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا طَابَ فِي وَقْتِ الطِّيبِ. قُلْتُ: وَهَذَا الْيَنْعُ الَّذِي يَقِفُ عَلَيْهِ جَوَازُ بَيْعِ التَّمْرِ وَبِهِ يَطِيبُ أَكْلُهَا وَيَأْمَنُ مِنَ الْعَاهَةِ، هُوَ عِنْدَ طُلُوعِ الثُّرَيَّا بِمَا أَجْرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنَ الْعَادَةِ وَأَحْكَمَهُ مِنَ العلم والقدرة. ذكر المعلى ابن أَسَدٍ عَنْ وُهَيْبٍ عَنْ عَسَلِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا صَبَاحًا رُفِعَتِ الْعَاهَةُ عَنْ أَهْلِ الْبَلَدِ). وَالثُّرَيَّا النَّجْمُ، لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. وَطُلُوعُهَا صَبَاحًا لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً تَمْضِي مِنْ شَهْرِ أَيَّارَ، وَهُوَ شَهْرُ مَايُو. وَفِي الْبُخَارِيِّ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَمْ يَكُنْ يَبِيعُ ثِمَارَ أَرْضِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا فَيَتَبَيَّنُ الْأَصْفَرُ مِنَ الْأَحْمَرِ. السَّابِعَةُ- وَقَدِ اسْتَدَلَّ مَنْ أَسْقَطَ «٣» الْجَوَائِحَ فِي الثِّمَارِ بِهَذِهِ الْآثَارِ، وَمَا كَانَ مِثْلَهَا مِنْ نَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَعَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَذْهَبَ الْعَاهَةُ. قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سُرَاقَةَ: فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ مَتَى هَذَا؟ فَقَالَ: طُلُوعُ الثُّرَيَّا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ، وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدِي لَمْ أَعْدُهُ، وَالْأَصْلُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَنَّ كُلَّ مَنِ ابْتَاعَ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَبَضَهُ كَانَتِ الْمُصِيبَةُ مِنْهُ، قَالَ: وَلَوْ كُنْتُ قَائِلًا بِوَضْعِ الجوائح لو ضعتها فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ. وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِلَى وَضْعِهَا، لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَبِهِ كَانَ يَقْضِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَسَائِرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَضَعُوهَا عَنِ الْمُبْتَاعِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ عَلَى عُمُومِ الْحَدِيثِ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ اعْتَبَرُوا أَنْ تَبْلُغَ الْجَائِحَةُ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ فَصَاعِدًا، وَمَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ أَلْغَوْهُ وَجَعَلُوهُ تَبَعًا، إِذْ لَا تَخْلُو ثَمَرَةٌ مِنْ أَنْ يَتَعَذَّرَ الْقَلِيلُ مِنْ طِيبِهَا وَأَنْ يَلْحَقَهَا في اليسير منها


(١). من ب وج وك وز ر ل. [ ..... ]
(٢). من ب وج وك وز ر ل.
(٣). في ز: أسقط بعض الجوائح.