للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنُ عَبَّاسٍ قَرِيبٌ مِمَّا قِيلَ: يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ جَوْهَرًا فَيَقَعُ الْوَزْنُ عَلَى تِلْكَ الْجَوَاهِرِ. وَرَدَّهُ ابْنُ فُورَكَ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْخَبَرِ (إِذَا خَفَّتْ حَسَنَاتُ المؤمن أخرج رسول الله صل اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَاقَةً كَالْأُنْمُلَةِ فَيُلْقِيهَا فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ الْيُمْنَى الَّتِي فِيهَا حَسَنَاتُهُ فَتَرْجَحُ الْحَسَنَاتُ فَيَقُولُ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! مَا أَحْسَنَ وَجْهَكَ وَمَا أَحْسَنَ خَلْقَكَ فَمَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ أَنَا مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ وَهَذِهِ صَلَوَاتُكَ الَّتِي كُنْتَ تُصَلِّي عَلَيَّ قَدْ وَفَّيْتُكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهَا (. ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ. وَذَكَرَ أَنَّ الْبِطَاقَةَ (بِكَسْرِ الْبَاءِ) رُقْعَةٌ فِيهَا رَقْمُ الْمَتَاعِ بِلُغَةِ. أَهْلِ مِصْرَ. وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: الْبِطَاقَةُ الرُّقْعَةُ، وَأَهْلُ مِصْرَ يَقُولُونَ لِلرُّقْعَةِ بِطَاقَةٌ. وَقَالَ حُذَيْفَةُ: صَاحِبُ الْمَوَازِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا جِبْرِيلُ زِنْ بَيْنَهُمْ فَرُدَّ مِنْ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ). قَالَ: وَلَيْسَ ثَمَّ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ، فَإِنْ كَانَ لِلظَّالِمِ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَرُدَّ عَلَى الْمَظْلُومِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ فَتُحْمَلُ عَلَى الظَّالِمِ، فَيَرْجِعُ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْجِبَالِ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا آدَمُ ابْرُزْ إِلَى جَانِبِ الْكُرْسِيِّ عِنْدَ الْمِيزَانِ وَانْظُرْ مَا يُرْفَعُ إِلَيْكَ مِنْ أَعْمَالِ بَنِيكَ فَمَنْ رَجَحَ خَيْرُهُ عَلَى شَرِّهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ رَجَحَ شَرُّهُ عَلَى خَيْرِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ فَلَهُ النَّارُ حَتَّى تعلم أني لا أعذب إلا ظالما).

[[سورة الأعراف (٧): آية ١٠]]

وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (١٠)

أَيْ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ قَرَارًا وَمِهَادًا، وَهَيَّأْنَا لَكُمْ فِيهَا أَسْبَابَ الْمَعِيشَةِ. وَالْمَعَايِشُ جَمْعُ مَعِيشَةٍ، أَيْ مَا يُتَعَيَّشُ بِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَمَا تَكُونُ بِهِ الْحَيَاةُ. يُقَالُ: عَاشَ يَعِيشُ عَيْشًا وَمَعَاشًا وَمَعِيشًا وَمَعِيشَةً وَعِيشَةً. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعِيشَةُ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الْعَيْشِ. وَمَعِيشَةٌ فِي قَوْلِ الْأَخْفَشِ وَكَثِيرٍ من النحويين مفعلة. وقرا الأعرج:" معايش" بِالْهَمْزِ. وَكَذَا رَوَى خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ نَافِعٍ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَالْهَمْزُ لَحْنٌ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ مَعِيشَةٌ، أَصْلُهَا مَعِيشَةٌ، فَزِيدَتْ أَلِفُ الْوَصْلِ وَهِيَ سَاكِنَةٌ وَالْيَاءُ سَاكِنَةٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْرِيكٍ إِذْ لَا سَبِيلَ